جهود الحفاظ على التراث الإسلامي
يعد التراث الإسلامي من أبرز الركائز التي تشكّل هوية الأمة الإسلامية، إذ يُجسّد عمقها الحضاري، وتنوّعها الثقافي، وثراءها العلمي والفني عبر العصور. ويشمل هذا التراث مظاهر مادية كالعمارة والمخطوطات والفنون، وأخرى غير مادية كاللغة والعادات والتقاليد. وفي ظل التحديات المعاصرة كالعولمة والنزاعات المسلحة والتغيرات التقنية، برزت الحاجة الملحّة إلى بذل جهود منظّمة ومتكاملة للحفاظ عليه. فقد باتت صيانته ضرورة ملحّة، لا باعتباره ماضياً منسيًا، بل لأنه مورد ثقافي حيّ يسهم في تعزيز الهوية وبناء المستقبل. وتأتي هذه الدراسة لتسليط الضوء على أبرز تلك الجهود في مختلف المجالات والقطاعات.
1. المؤسسات الدولية والإسلامية (الإيسيسكو، اليونسكو)
فيما يلي شرح مفصل عن المؤسستين الدوليتين: "الإيسيسكو" و"اليونسكو"، مع التركيز على دورهما في المجالات الثقافية والتعليمية والعلمية:
1. الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة)
التعريف:
الإيسيسكو هي منظمة دولية تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، تأسست عام 1982، وتُعنى بمجالات التربية، والعلوم، والثقافة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وعددها يتجاوز 50 دولة.
المقر:
الرباط، المغرب.
الأهداف الأساسية:
- دعم وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في مجالات التعليم، والعلوم، والثقافة.
- المحافظة على الهوية الثقافية الإسلامية.
- تطوير السياسات التعليمية والتربوية في الدول الإسلامية.
- حماية التراث الثقافي في العالم الإسلامي، خصوصاً في مناطق النزاع أو الاحتلال.
- تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات من منظور إسلامي.
أنشطة بارزة:
- تنظيم المؤتمرات العلمية والثقافية.
- تمويل البحوث التعليمية والعلمية في الدول الإسلامية.
- تسجيل مواقع التراث الإسلامي ضمن قائمة "التراث في العالم الإسلامي".
- برامج محو الأمية والتعليم غير النظامي.
2. اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)
التعريف:
اليونسكو هي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، أُنشئت في 16 نوفمبر 1945. تهدف إلى بناء السلام من خلال التعاون الدولي في مجالات التربية، والعلوم، والثقافة، والاتصال.
المقر:
باريس، فرنسا.
الأهداف الأساسية:
- تعزيز التعليم الجيد والمنصف في جميع أنحاء العالم.
- حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي.
- دعم حرية التعبير والإعلام.
- تشجيع البحث العلمي والتكنولوجي.
- نشر ثقافة السلام وحقوق الإنسان.
أنشطة بارزة:
- برنامج "التراث العالمي" لتسجيل وحماية المواقع الأثرية والطبيعية.
- تطوير مناهج التعليم وتقييم النظم التعليمية.
- إصدار تقارير عن التنمية البشرية والتعليم حول العالم.
- دعم الصحفيين وحماية حرية الصحافة.
3.مقارنة وتكامل الأدوار
4. أهمية التعاون بين الإيسيسكو واليونسكو
- توحيد الجهود لحماية التراث الثقافي المهدد.
- دعم التعليم في الدول النامية والمتأثرة بالنزاعات.
- تطوير استراتيجيات لمحو الأمية.
- تعزيز قيم السلام والتفاهم بين الشعوب.
2. المبادرات الوطنية في الدول الإسلامية
تسعى الدول الإسلامية، سواء بشكل فردي أو ضمن تحالفات إقليمية، إلى إطلاق مبادرات وطنية للنهوض بمجالات التربية، والعلوم، والثقافة، مستلهمة بذلك مقاصد الشريعة الإسلامية وأهداف التنمية المستدامة. وفيما يلي أبرز ملامح هذه المبادرات:
1. في مجال التربية والتعليم
أ- إصلاح المناهج التعليمية
- التركيز على القيم الإسلامية والتسامح والهوية الوطنية.
- دمج التكنولوجيا الرقمية في التعليم.
- تعزيز تعليم العلوم والرياضيات ومهارات القرن 21.
- أمثلة:
- السعودية: مشروع تطوير المناهج وشراكات مع جامعات عالمية.
- ماليزيا: اعتماد نموذج "التعليم المتكامل" الذي يجمع بين العلوم الدنيوية والدينية.
ب- محو الأمية وتعليم الكبار
- إطلاق حملات وطنية بالتعاون مع الإيسيسكو ومنظمات المجتمع المدني.
- اعتماد طرق غير تقليدية للتعليم، خاصة في المناطق الريفية.
- أمثلة:
- مصر: مبادرة "محو الأمية من خلال المساجد".
- النيجر: برامج تعليمية بلغة الهوسا واللغات المحلية بالتعاون مع الإيسيسكو.
2. في مجال العلوم والتكنولوجيا
أ- تعزيز البحث العلمي
- إنشاء صناديق وطنية لتمويل البحوث.
- دعم الجامعات ومراكز البحث العلمي.
- أمثلة:
- الإمارات: "مؤسسة محمد بن راشد للعلوم المستقبلية".
- إندونيسيا: هيئة الأبحاث الوطنية التي تُنسق البحوث العلمية وتطبيقاتها.
ب- التحول الرقمي
- رقمنة الخدمات التعليمية والثقافية.
- دعم الابتكار والريادة التكنولوجية بين الشباب.
- أمثلة:
- تركيا: إطلاق برنامج "دعم الابتكار التكنولوجي الوطني".
- قطر: "استراتيجية قطر الرقمية 2030".
3. في مجال الثقافة والهوية والتراث
أ- حماية التراث الثقافي والإسلامي
- تسجيل المواقع ضمن قوائم الإيسيسكو واليونسكو.
- ترميم المواقع التاريخية والمخطوطات القديمة.
- أمثلة:
- المغرب: مبادرة وطنية لحماية المدن التاريخية مثل فاس ومراكش.
- أوزبكستان: ترميم تراث بخارى وسمرقند بدعم من الإيسيسكو.
ب- دعم الصناعات الثقافية والإبداعية
- تشجيع الفنون الإسلامية، والخط العربي، والحرف التقليدية.
- أمثلة:
- السعودية: "هيئة التراث" و"هيئة الفنون الإسلامية".
- إيران: دعم الحرف اليدوية عبر وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
ج- الحوار بين الثقافات
- إقامة المهرجانات والمؤتمرات الدولية.
- دعم الإنتاجات الثقافية المشتركة.
- أمثلة:
- الجزائر: مهرجان "الروح الإسلامية" سنويًا في قسنطينة.
- تركيا: "منتدى الحضارات" بالتعاون مع دول العالم الإسلامي.
4. في مجال تمكين الشباب والمرأة
- دعم المبادرات الريادية للمرأة في التعليم والثقافة.
- إدماج الشباب في عمليات صنع القرار الثقافي والتعليمي.
- أمثلة:
- الأردن: "مشروع التعليم للمرأة في المناطق الفقيرة".
- باكستان: "برنامج الشباب للتنمية الابتكارية".
تعكس المبادرات الوطنية في الدول الإسلامية وعيًا متزايدًا بأهمية الاستثمار في الإنسان من خلال العلم والثقافة، وهي غالبًا ما تُنسّق مع منظمات مثل الإيسيسكو واليونسكو لتحقيق أثر أوسع واستدامة طويلة الأمد.
3. الرقمنة والتوثيق الحديث للتراث
شهدت العقود الأخيرة تطورًا ملحوظًا في جهود الرقمنة والتوثيق الحديث للتراث في الدول الإسلامية، وذلك استجابة للتحديات التي تواجه التراث الثقافي كالتلف، والسرقة، والنزاعات المسلحة، فضلاً عن الرغبة في تسهيل الوصول إلى هذا التراث ونشره للأجيال الجديدة عبر الوسائل الحديثة.
أولًا: مفهوم الرقمنة في التراث
الرقمنة هي عملية تحويل المواد الثقافية والتاريخية من شكلها المادي إلى شكل رقمي، مما يتيح أرشفتها، حفظها، وتحليلها، وتقديمها للعامة عبر الوسائط الإلكترونية. ويشمل ذلك:
- المخطوطات والكتب النادرة
- الصور الفوتوغرافية والخرائط
- المباني الأثرية والمواقع التاريخية (3D)
- الحرف والفنون الشعبية
- الوثائق الصوتية والمرئية (مثل التلاوات القديمة أو الأغاني الشعبية)
ثانيًا: أهداف الرقمنة الحديثة للتراث
1. حماية التراث من الاندثار أو التلف.
2. تسهيل البحث العلمي والوصول إلى مصادر التراث.
3. توظيف التقنيات الحديثة في المتاحف والتعليم والتوعية.
4. نشر التراث الإسلامي عالميًا وتعزيز الحوار بين الحضارات.
ثالثًا: جهود الدول الإسلامية والمؤسسات
1. جهود وطنية رائدة
- السعودية:
- "مبادرة التراث المرقمن" التابعة لهيئة التراث.
- رقمنة الآثار النبطية ومخطوطات المدينة المنورة.
- استخدام الواقع الافتراضي في متحف الدرعية.
- المغرب:
- مشروع "التراث المغربي الرقمي" Digitizing Moroccan Heritage.
- رقمنة أرشيفات فاس والمخطوطات الملكية في الرباط.
- تركيا:
- رقمنة أرشيف الدولة العثمانية (أكثر من 95 مليون وثيقة).
- منصة "Turkiye Kultur Portal" لتوفير التراث الرقمي للمواطنين والباحثين.
- إيران:
- رقمنة المخطوطات الفارسية القديمة في مكتبة "آستان قدس رضوي".
- إنشاء أرشيف رقمي للعمارة الإسلامية في أصفهان ويزد.
- ماليزيا:
- "المكتبة الرقمية الوطنية الماليزية" تضم آلاف الوثائق الإسلامية.
- دعم رقمنة التراث الإسلامي في جنوب شرق آسيا.
2. أدوار الإيسيسكو واليونسكو
- الإيسيسكو:
- مبادرة "التراث في العالم الإسلامي" لحصر وتوثيق معالم التراث المادي واللامادي.
- مشروع رقمنة التراث المعماري في المدن الإسلامية القديمة.
- دورات تدريبية في حفظ الوثائق التاريخية ورقمنتها.
- اليونسكو:
- دعم رقمنة المخطوطات في تمبكتو (مالي) بعد تعرضها للخطر.
- مشروع "التراث الرقمي المفتوح" بالتعاون مع مكتبة قطر الوطنية.
- إطلاق مبادرة “مكتبة العالم الرقمي” التي تضم تراثًا من الدول الإسلامية.
رابعًا: أدوات وتقنيات التوثيق الحديثة
- المسح بالليزر ثلاثي الأبعاد (LiDAR):
يُستخدم في توثيق المواقع الأثرية بدقة متناهية.
- الواقع الافتراضي (VR) والمعزز (AR):
يسمح بإنشاء جولات افتراضية للمواقع التراثية.
- الذكاء الاصطناعي (AI):
يُستخدم في التعرّف الآلي على النصوص القديمة وتحليل الوثائق التالفة.
- البلوك تشين:
لتأمين ملكية القطع الرقمية المرتبطة بالتراث.
- المنصات الرقمية المفتوحة:
مثل "Europeana" و"مكتبة العالم الإسلامي الرقمية" لعرض التراث للجميع.
خامسًا: التحديات التي تواجه رقمنة التراث
1. نقص التمويل وضعف البنية التحتية الرقمية.
2. قلة الكفاءات الفنية المتخصصة.
3. مشاكل حقوق الملكية الفكرية والخصوصية.
4. صعوبة الوصول إلى بعض المواد بسبب النزاعات أو الاضطرابات.
سادسًا: الآفاق المستقبلية للرقمنة في الدول الإسلامية
- إنشاء تحالف رقمي إسلامي للتراث تحت مظلة الإيسيسكو.
- تعميم التجربة على المدارس والجامعات لتعزيز الهوية الثقافية.
- دعم التعاون بين المتاحف والمراكز البحثية عبر شبكات رقمية موحدة.
- تطوير منصات تفاعلية لاستكشاف التراث الإسلامي من خلال الألعاب التعليمية والتطبيقات الذكية.
4. دور المتاحف والمكتبات
تُعد المتاحف والمكتبات من أهم المؤسسات الثقافية المعنية بالحفاظ على التراث المادي واللامادي للأمة الإسلامية، ونقله للأجيال القادمة. فهي لا تكتفي بجمع وحفظ المواد التراثية، بل تتجاوز ذلك إلى التوثيق، والتعليم، والبحث، والعرض التفاعلي.
أولًا: المتاحف ودورها في صون التراث
1. جمع التراث المادي وحفظه
- تحتفظ المتاحف الإسلامية بآلاف القطع الأثرية والمخطوطات، مثل الأدوات، والنقوش، والألبسة، والمسكوكات.
- تُخزّن وفقًا لمعايير دقيقة لحمايتها من العوامل الطبيعية والبشرية.
2. التوثيق العلمي والتصنيف
- تُوثّق القطع بشكل علمي يشمل تاريخها، ووظيفتها، ومكان العثور عليها.
- تُستخدم تقنيات حديثة مثل التصوير ثلاثي الأبعاد، والتوثيق الرقمي، وإنشاء قواعد بيانات متاحة للباحثين.
3. التثقيف العام والتعليم
- تنظم المتاحف معارض تعليمية وتفاعلية لتعريف الزوار بالتراث.
- تُعد برامج تعليمية للأطفال والطلاب لتعزيز الانتماء الثقافي والديني.
4. عرض التراث العالمي الإسلامي
- تعكس المتاحف الصورة العالمية للحضارة الإسلامية من خلال معارض دولية متنقلة أو شراكات مع متاحف عالمية.
5. أمثلة على متاحف رائدة
- متحف الفن الإسلامي – قطر: يضم مجموعات نادرة من فنون الإسلام من الصين حتى الأندلس.
- متحف اللوفر أبوظبي: يبرز التواصل بين الحضارات، بما فيها الإسلامية.
- متحف دار الآثار الإسلامية – الكويت: غني بالمخطوطات والأعمال الزخرفية.
- متحف قصر توبكابي – إسطنبول: يحتوي على آثار النبي ﷺ ومقتنيات الخلفاء العثمانيين.
ثانيًا: المكتبات ودورها في حفظ التراث الفكري
1. حفظ المخطوطات والكتب النادرة
- المكتبات الإسلامية تضم أضخم مجموعات المخطوطات في العالم، مثل الطب، الفقه، التفسير، الشعر، والتاريخ.
- تُخزن في بيئات مناسبة وتُرقمن لحمايتها من التهالك.
2. الرقمنة والفهرسة الحديثة
- تُستخدم أدوات رقمية لفهرسة المحتوى وإتاحته للباحثين عالميًا.
- مشاريع ضخمة لرقمنة المخطوطات مثل:
- "المكتبة الرقمية العالمية" بالتعاون مع اليونسكو.
- "مكتبة الأزهر الرقمية".
- "مكتبة الملك عبد العزيز" (السعودية) التي وفرت نسخًا رقمية عالية الجودة.
3. دعم البحث العلمي والدراسات الإسلامية
- المكتبات الكبرى تقدم خدمات للمحققين والباحثين في التراث.
- تُنظَّم ورشات علمية، ودورات في علم المخطوط، والترميم، والتحقيق.
4. التواصل الثقافي العالمي
- مكتبات العالم الإسلامي تتعاون مع جامعات ومكتبات أجنبية لترجمة ونشر الأعمال التراثية الإسلامية.
5. نماذج بارزة
- مكتبة الأزهر الشريف – مصر: تضم أكثر من 40,000 مخطوط.
- مكتبة السليمانية – تركيا: كنز من التراث العثماني والإسلامي.
- مكتبة محمد السادس – المغرب: مركز للتراث المغربي والإفريقي.
- مكتبة قطر الوطنية: نموذج حديث لدمج الحفظ الرقمي بالتواصل العالمي.
ثالثًا: التكامل بين المتاحف والمكتبات في العالم الإسلامي
- في العديد من الدول الإسلامية، تتكامل أدوار المتاحف والمكتبات من خلال معارض مشتركة ومشاريع توثيق موحدة.
- تقوم بعض المتاحف بضم مكتبات بحثية متخصصة بالآثار والعمارة الإسلامية، والعكس صحيح.
- تتعاون هذه المؤسسات مع منظمات مثل الإيسيسكو واليونسكو لإنجاز مشاريع حفظ رقمية وشبكات تراثية موحدة.
رابعًا: التحديات والفرص
التحديات
- ضعف التمويل أو الكفاءات المتخصصة في بعض الدول.
- تهديدات التغير المناخي أو الحروب.
- صعوبة توحيد النظم التوثيقية والمعايير.
الفرص
- التقنيات الحديثة تعزز فرص الصون والعرض العالمي.
- التعاون الإسلامي والدولي في تطوير سياسات الحفاظ المشترك.
- الاستثمار الثقافي والسياحي في هذه المؤسسات يخلق روافد اقتصادية.
تمثل المتاحف والمكتبات في الدول الإسلامية حُماة الذاكرة الحضارية، ودعائم أساسية في بناء هوية الأمة الثقافية، ومنابر للعلم والتنوير. وفي ظل التطور التكنولوجي، أصبحت قادرة على إيصال تراث الأمة إلى كل ركن في العالم، بأمان وجودة عالية، ما يعزز من مكانة الحضارة الإسلامية في الحاضر والمستقبل.
5. مساهمة الباحثين والجامعات
تؤدي الجامعات والباحثون دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي، من خلال البحث العلمي، التوثيق، الرقمنة، التحقيق، النشر، والتكوين الأكاديمي، إلى جانب التعاون مع المؤسسات الدولية والوطنية، مما يساهم في بناء قاعدة معرفية متجددة ومتعمقة حول التراث.
أولًا: دور الجامعات في مجال التراث
1. البرامج الأكاديمية والتخصصات
- أنشأت العديد من الجامعات الإسلامية والعربية برامج دراسات عليا متخصصة في:
- علم الآثار.
- إدارة التراث الثقافي.
- علم المخطوطات وتحقيق النصوص.
- العمارة الإسلامية.
- الفنون التقليدية.
أمثلة:
- جامعة القاهرة: برنامج الماجستير في الآثار الإسلامية.
- جامعة الإمام محمد بن سعود (السعودية): قسم التراث والإرشاد السياحي.
- جامعة الزيتونة (تونس): دراسات في التراث الفقهي والمخطوطات.
- جامعة إسطنبول: كلية الآداب، قسم الدراسات العثمانية والتراث التركي.
- الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا: تخصصات في العمارة والفنون الإسلامية التقليدية.
2. البحث العلمي والنشر
- تُشرف الجامعات على آلاف الرسائل الجامعية في مواضيع التراث المحلي والإسلامي.
- تنشر مجلات أكاديمية محكّمة مختصة في دراسات التراث، مثل:
- "حولية الآداب والعلوم الاجتماعية" – جامعة الكويت.
- "مجلة التراث" – جامعة الجزائر 2.
- "مجلة دراسات في التراث" – جامعة الموصل.
3. التحقيق والتوثيق الأكاديمي
- يعمل باحثو الجامعات على تحقيق المخطوطات، وإخراج النصوص التراثية في صيغ علمية دقيقة.
- يتم ذلك وفق مناهج علمية تشمل:
- جمع النسخ.
- مقارنة الروايات.
- تخريج النصوص.
- الشرح والتعليق.
4. الرقمنة وحفظ التراث
- مشاريع جامعية لرقمنة الوثائق والمخطوطات وتطوير منصات إلكترونية.
- تدريب الطلاب على استخدام أدوات حديثة مثل قواعد البيانات، وبرمجيات التوثيق، والتصوير ثلاثي الأبعاد.
ثانيًا: مساهمة الباحثين في الحفاظ على التراث
1. الدراسات الميدانية والمسوح الأثرية
- يقوم الباحثون بجولات ميدانية لتوثيق المواقع والمباني الأثرية.
- إعداد تقارير دقيقة تُسهم في حماية المواقع من الإهمال أو التعدي.
2. تحقيق النصوص التراثية ونقدها
- يُسهم الباحثون في إخراج نصوص التراث الإسلامي في مجالات متنوعة: اللغة، الفقه، التاريخ، الفلسفة.
- يربطون النصوص بسياقاتها التاريخية والمعرفية، ويُظهرون قيمتها العلمية.
3. إحياء التراث اللامادي
- توثيق العادات والتقاليد والفنون الشعبية.
- دراسة الموروث الشفهي مثل الأمثال والحكايات والأساطير والمواويل.
4. المشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية
- عرض نتائج الأبحاث حول التراث الإسلامي في محافل علمية، مما يُكسب هذا التراث بُعدًا عالميًا.
ثالثًا: أبرز مبادرات الجامعات الإسلامية
رابعًا: التحديات التي تواجه الباحثين والمؤسسات الأكاديمية
1. قلة التمويل المخصص للبحث في مجال التراث.
2. ضعف الوصول إلى المخطوطات المحفوظة لدى العائلات أو المجموعات الخاصة.
3. نقص التدريب في استخدام أدوات الرقمنة الحديثة.
4. الانفصال بين الجامعات ومؤسسات المجتمع أو الجهات الحكومية.
خامسًا: الفرص والآفاق المستقبلية
- تعزيز الشراكات الدولية: بين الجامعات الإسلامية والمؤسسات الغربية لتبادل المعرفة حول التراث.
- دعم منصات النشر الرقمي المفتوح: لتمكين الوصول الحر للأبحاث والمخطوطات.
- تشجيع الأبحاث متعددة التخصصات: التي تربط بين التراث والتكنولوجيا والسياحة.
- احتضان المواهب الشابة: عبر منح دراسية ومسابقات بحثية ومراكز تفوق في مجال التراث.
يُشكّل الباحثون والجامعات العمود الفقري في جهود حماية وتوثيق التراث الإسلامي. فبفضلهم، تتحول الموروثات القديمة إلى معارف حيّة قابلة للفهم والنقد، كما تُتاح للأجيال الجديدة في قوالب علمية وحديثة. ويُمثّل الاستثمار في البحث الأكاديمي التراثي أحد أبرز ضمانات الحفاظ على الهوية الثقافية في عصر التحوّلات العالمية السريعة.
خاتمة
يمثّل التراث الإسلامي ذاكرةً حضاريةً حيّةً تختزن في أعماقها تجليات العقيدة، وتراكمات الفكر، وروائع الفنون، وملامح أنماط العيش التي تشكّلت عبر قرون من التفاعل بين الإنسان وواقعه الروحي والاجتماعي والثقافي. ومن هذا المنطلق، لم تكن جهود الحفاظ عليه مجرد محاولات لحماية بقايا مادية، بل مشروعًا معرفيًا وإنسانيًا عميقًا، يسعى إلى صون الهوية، وبناء الوعي، وتأصيل القيم، وتعزيز الانتماء.
لقد تنوعت مسارات هذه الجهود بين المبادرات الرسمية التي تقودها المؤسسات الدولية والإسلامية كاليونسكو والإيسيسكو، والمبادرات الوطنية في الدول الإسلامية، وبين ما تنهض به الجامعات والمراكز البحثية من أدوار في التوثيق والتحقيق والرقمنة، إلى جانب المتاحف والمكتبات التي توفّر فضاءات مادية وزمانية لحفظ المقتنيات التراثية وعرضها وتأويلها. كما لا يمكن إغفال الحضور الفاعل للمجتمع المدني، وللباحثين، والفنانين، والحرفيين الذين أسهموا، كلٌّ من موقعه، في تجديد العلاقة بين التراث والواقع المعاصر.
وقد ازدادت أهمية هذه الجهود مع تصاعد التحديات المعاصرة، وعلى رأسها التحولات الرقمية، وتهديدات العولمة الثقافية، والصراعات المسلحة التي طالت مواقع ومتاحف ومخطوطات ثمينة. فأصبح من الضروري الانتقال من الحفاظ المادي إلى صيانة المعنى، ومن الحماية إلى إعادة التوظيف الثقافي والاقتصادي للتراث ضمن مشاريع التنمية المستدامة، والسياحة الثقافية، والتعليم، والإعلام.
إن الحفاظ على التراث الإسلامي ليس مسؤولية نخبوية، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود بين الدول، والمؤسسات، والأفراد، وتستلزم كذلك رؤية استراتيجية تقوم على التخطيط، والتمويل، والتدريب، والانفتاح على التكنولوجيا والمعرفة الحديثة. فهو ليس ماضياً يُسترجَع فقط، بل أفقًا يُصاغ للمستقبل. ومن خلال هذا الوعي، تتحوّل حماية التراث إلى فعل مقاومة حضارية في وجه النسيان والتهميش، وإلى جسرٍ تتواصل عبره الأجيال، وتُبنى من خلاله نهضة ثقافية تُعبّر عن الذات، وتنفتح على الآخر.
مراجع
1. التراث العربي الإسلامي: دراسة في المفهوم والحماية
- المؤلف: د. محمد عبد الحميد الحمد
- الناشر: دار الفكر العربي، القاهرة
- الوصف: يتناول الكتاب مفهوم التراث الإسلامي وأنواعه، وأهمية حفظه، مع تحليل لأهم الوسائل المعاصرة في حمايته من الاندثار.
2. صيانة التراث في العالم الإسلامي: الواقع والتحديات
- المؤلف: مجموعة باحثين (إصدار الإيسيسكو)
- الناشر: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)
- الوصف: يجمع دراسات ومداخلات من مؤتمرات علمية حول الجهود المؤسسية لحفظ التراث في الدول الإسلامية، خاصة في مجال المخطوطات والعمارة.
3. الرقمنة والتراث: نحو حفظ رقمي للذاكرة الثقافية
- المؤلف: د. أحمد عيسى الطيّب
- الناشر: دار الكتاب الحديث، بيروت
- الوصف: يناقش التقنيات الرقمية الحديثة في حفظ التراث الإسلامي، مع دراسات تطبيقية حول الرقمنة في مكتبات العالم الإسلامي.
4. التراث المعماري الإسلامي وأساليب الحفاظ عليه
- المؤلف: د. نوال عبد العزيز السعد
- الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية
- الوصف: يركّز على التراث المعماري في المدن الإسلامية ويستعرض طرق ترميمه وصيانته وفق المعايير الدولية.
5. جهود الجامعات في خدمة التراث العربي الإسلامي
- المؤلف: د. عبد الله حسن النعيمي
- الناشر: جامعة الشارقة – مركز التراث العربي
- الوصف: يعرض نماذج من مشاريع أكاديمية لتحقيق المخطوطات وتوثيق الفنون والعادات الإسلامية.
6. التراث الثقافي الإسلامي بين الحماية القانونية والتحديات المعاصرة
- المؤلف: د. فاطمة الزهراء بن بوزيد
- الناشر: دار الرشاد الحديثة، الجزائر
- الوصف: يدرس الإطار القانوني لحماية التراث الإسلامي في التشريعات الوطنية والدولية، ويحلل التحديات المرتبطة بالحروب والإرهاب والتهريب.
مواقع الكترونية
1.المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو – ICESCO)
تختص بحماية وصون التراث في العالم الإسلامي، وتطلق مبادرات للحفاظ على المواقع والمخطوطات والفنون الإسلامية. www.icesco.org
2.منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو – UNESCO)
تقدم تقارير ومشاريع حول حماية التراث الثقافي الإسلامي المصنف ضمن قائمة التراث العالمي. www.unesco.org
3.الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني – المملكة العربية السعودية
تضم برامج ومبادرات لحماية وتسجيل المعالم التراثية الإسلامية، مثل مدائن صالح والمساجد التاريخية. heritage.scta.gov.sa
4.المكتبة الرقمية العالمية (WDL) – مشروع برعاية اليونسكو ومكتبة الكونغرس
تحتوي على مخطوطات وصور وخرائط وكتب نادرة من التراث الإسلامي الرقمي.
www.wdl.org/ar
5.مشروع ذاكرة العالم الإسلامي – مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا – IRCICA)
موقع تابع لمنظمة التعاون الإسلامي، يهتم بالحفاظ على المخطوطات والخرائط التاريخية للتراث الإسلامي. www.ircica.org/ar
اترك تعليق جميل يظهر رقي صاحبه