مكان سياحي في قطر-متحف قطر الوطني

يعتبر متحف قطر الوطني واحداً من أبرز المعالم السياحية والثقافية في دولة قطر، وهو تحفة معمارية مذهلة صممها المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل، مستوحياً تصميمه من "وردة الصحراء"، وهي تكوين طبيعي من الجبس يتشكل في الصحراء القطرية. افتتح المتحف رسمياً في مارس 2019، ليصبح منارة ثقافية تروي قصة قطر منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، ويجسد رؤية قطر في الحفاظ على تراثها وهويتها الوطنية مع التطلع نحو المستقبل.

يقع المتحف على الواجهة البحرية لكورنيش الدوحة، ويمتد على مساحة تزيد عن 40,000 متر مربع، ويضم 11 قاعة عرض دائمة تقدم رحلة زمنية عبر تاريخ قطر، بدءاً من تكوين شبه الجزيرة القطرية جيولوجياً، مروراً بالحياة البدوية والبحرية التقليدية، وصولاً إلى اكتشاف النفط والغاز والنهضة الحديثة للدولة.

1. التصميم المعماري الفريد

يعد تصميم متحف قطر الوطني تحفة معمارية بحد ذاته، حيث استلهم المهندس المعماري جان نوفيل فكرته من "وردة الصحراء"، وهي ظاهرة طبيعية تتكون عندما تتبلور المعادن في الرمال الصحراوية مشكلة أشكالاً تشبه بتلات الوردة. يتكون المبنى من مجموعة من الأقراص البيضاء المتداخلة والمتشابكة التي تبدو وكأنها تتراقص حول بعضها البعض، مما يخلق مساحات داخلية غير منتظمة ومذهلة.

تمتد واجهة المتحف على طول 1.5 كيلومتر، وتحتوي على 539 قرصاً بأحجام مختلفة، أكبرها يبلغ قطره 87 متراً. استخدم في بناء المتحف أكثر من 76,000 لوح من الألياف الزجاجية المعززة بالخرسانة (FRC) لتشكيل هذه الأقراص، مما يجعله يبدو وكأنه نحت فني ضخم أكثر منه مبنى تقليدي.

من الداخل، تم تصميم المساحات بطريقة تمنح الزوار تجربة غامرة، حيث تتميز القاعات بالأسقف العالية غير المنتظمة والإضاءة الطبيعية التي تتسلل عبر الفتحات في الأقراص المتداخلة، مما يخلق ألعاب ضوء وظل مذهلة تتغير على مدار اليوم.

2. المعروضات والمجموعات

يقدم متحف قطر الوطني رحلة استثنائية عبر الزمن من خلال 11 قاعة عرض مترابطة، تروي كل منها فصلاً من قصة قطر:

 1. تكوين قطر

تبدأ الرحلة في هذه القاعة التي تستعرض تاريخ تشكل شبه الجزيرة القطرية جيولوجياً على مدى ملايين السنين. تعرض خرائط تفاعلية ونماذج ثلاثية الأبعاد توضح كيف تشكلت الأرض وكيف تأثرت بالعوامل الطبيعية المختلفة.

 2. الحياة البرية والبحرية

تستعرض هذه القاعة التنوع البيولوجي الغني في قطر، من الحياة البرية في الصحراء إلى الكائنات البحرية في الخليج العربي. تضم عروضاً للحيوانات والنباتات المحلية، ونماذج للشعاب المرجانية والأحياء البحرية. كما تسلط الضوء على جهود قطر في حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي.

 3. الحياة البدوية

تنقل هذه القاعة الزوار إلى الماضي لاستكشاف حياة البدو الرحل في قطر. تعرض خياماً تقليدية مزينة بالمنسوجات البدوية، وأدوات الحياة اليومية، ونماذج لمخيمات البدو. كما تروي قصص التكيف مع الحياة القاسية في الصحراء والتقاليد الاجتماعية التي نشأت في هذه البيئة.

 4. الحياة البحرية التقليدية

تحتفي هذه القاعة بالارتباط العميق بين القطريين والبحر. تعرض نماذج للسفن التقليدية مثل "الداو" و"البوم" و"الجالبوت"، إضافة إلى أدوات الصيد وصيد اللؤلؤ. كما تروي قصص الرحلات البحرية الطويلة والتجارة البحرية التي كانت مصدر رزق أساسي للقطريين قبل اكتشاف النفط.

 5. الحياة في الواحات والقرى

تستعرض هذه القاعة نمط الحياة المستقرة في واحات وقرى قطر التقليدية. تضم نماذج للبيوت الطينية التقليدية، وأنظمة الري القديمة، والزراعة التقليدية. كما تسلط الضوء على الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي اشتهرت بها القرى القطرية.

 6. قصر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني

يمثل هذا القسم قلب المتحف، حيث تم دمج القصر التاريخي للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (الذي كان في السابق المتحف الوطني القديم) مع المبنى الجديد. يعود تاريخ القصر إلى أوائل القرن العشرين، ويعد مثالاً رائعاً للعمارة التقليدية في قطر. يمكن للزوار استكشاف غرف القصر المختلفة والتعرف على حياة الأسرة الحاكمة في تلك الفترة.

 7. العصر الحديث

تروي هذه القاعة قصة التحول الكبير الذي شهدته قطر بعد اكتشاف النفط في الأربعينيات من القرن الماضي. تستعرض مراحل استكشاف النفط واستخراجه، وكيف أدى ذلك إلى نهضة اقتصادية واجتماعية غيرت وجه البلاد بشكل جذري.

 8. التعليم والتنمية البشرية

تسلط هذه القاعة الضوء على الاهتمام الكبير الذي أولته قطر للتعليم والتنمية البشرية. تستعرض تطور نظام التعليم في قطر من الكتاتيب التقليدية إلى المؤسسات التعليمية الحديثة، وصولاً إلى المدينة التعليمية ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.

 9. الاقتصاد المتنوع

تتناول هذه القاعة جهود قطر في تنويع اقتصادها والانتقال من الاعتماد على النفط والغاز إلى اقتصاد المعرفة. تستعرض قطاعات مثل السياحة، والرياضة، والإعلام، والخدمات المالية، التي أصبحت تلعب دوراً متزايد الأهمية في الاقتصاد القطري.

 10. قطر اليوم

تقدم هذه القاعة صورة شاملة لقطر المعاصرة، من خلال عروض تفاعلية ومرئية تسلط الضوء على إنجازات الدولة في مختلف المجالات، والمشاريع الكبرى مثل استضافة كأس العالم 2022، ومترو الدوحة، ومدينة لوسيل، والمشاريع الثقافية والفنية المختلفة.

 11. قطر المستقبل

تختتم الرحلة في هذه القاعة التي تستشرف مستقبل قطر ورؤيتها الوطنية 2030. تستعرض المشاريع المستقبلية والتحديات التي تواجهها الدولة، وكيف تستعد لمستقبل ما بعد النفط من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار والاستدامة.

3.المرافق و المعارض 

1. المعارض المؤقتة والفعاليات

بالإضافة إلى المعروضات الدائمة، يستضيف متحف قطر الوطني معارض مؤقتة متنوعة على مدار العام، تتناول مواضيع مختلفة في الفن والثقافة والتاريخ. كما ينظم المتحف برامج وفعاليات ثقافية متنوعة تشمل محاضرات، وورش عمل، وعروض أفلام، وأمسيات موسيقية، مما يجعله مركزاً ثقافياً نابضاً بالحياة.

2. المرافق والخدمات

يوفر متحف قطر الوطني مجموعة متكاملة من المرافق والخدمات لضمان تجربة ممتعة ومريحة للزوار:

3. المطاعم والمقاهي

- مطعم جيوان: مطعم راقٍ يقدم مأكولات مستوحاة من المطبخ القطري التقليدي بلمسة عصرية.

- كافيه القصر: مقهى يقع في القصر التاريخي، يقدم القهوة العربية والحلويات التقليدية.

- مقهى الشاطئ: مقهى يطل على الخليج العربي، يقدم مشروبات ووجبات خفيفة.

4. متاجر الهدايا

- متجر المتحف الرئيسي: يقدم مجموعة واسعة من الهدايا التذكارية، والكتب، والمجوهرات، والحرف اليدوية المستوحاة من الثقافة القطرية.

- متجر الفن: متخصص في المنتجات الفنية والمطبوعات المستوحاة من المعروضات.

4. مرافق أخرى

- مركز التعليم: يقدم برامج تعليمية وورش عمل للأطفال والكبار.

- المكتبة: تضم مجموعة غنية من الكتب والمراجع عن تاريخ وثقافة قطر.

- قاعة المحاضرات: تستضيف محاضرات وندوات وعروض أفلام.

- حديقة المتحف: مساحة خضراء واسعة تضم نباتات محلية وتماثيل فنية.

- الواجهة البحرية: ممشى على امتداد الخليج العربي يوفر إطلالات خلابة على أفق الدوحة.

4.تجربة الزيارة

تم تصميم تجربة الزيارة في متحف قطر الوطني لتكون تفاعلية وغامرة، باستخدام أحدث التقنيات لإشراك الزوار وإثراء تجربتهم:

1. الوسائط المتعددة والعروض التفاعلية

يستخدم المتحف تقنيات متطورة مثل الشاشات التفاعلية، والعروض ثلاثية الأبعاد، والمؤثرات الصوتية، لإحياء التاريخ والثقافة القطرية. من أبرز هذه العروض:

- جدارية الأفلام: سلسلة من الشاشات العملاقة تمتد على طول 1.5 كيلومتر، تعرض أفلاماً وثائقية عن مختلف جوانب الحياة في قطر، أنتجها فريق من المخرجين العالميين.

- عرض الغوص بحثاً عن اللؤلؤ: محاكاة تفاعلية تتيح للزوار تجربة الغوص التقليدي بحثاً عن اللؤلؤ.

- رحلة عبر الصحراء: محاكاة لرحلة قافلة عبر الصحراء القطرية، توضح تحديات الحياة البدوية.

2. الجولات المصحوبة بمرشدين

يوفر المتحف جولات مصحوبة بمرشدين متخصصين يتحدثون عدة لغات، يقدمون شرحاً مفصلاً عن المعروضات ويجيبون على أسئلة الزوار. تتوفر هذه الجولات بعدة لغات منها العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، واليابانية.

3. تطبيق الهاتف المحمول

يمكن للزوار تحميل تطبيق متحف قطر الوطني على هواتفهم الذكية، والذي يوفر:

- خرائط تفاعلية للمتحف

- معلومات مفصلة عن المعروضات

- جولات صوتية بعدة لغات

- أنشطة تفاعلية للأطفال

- معلومات عن الفعاليات القادمة

4. برامج تعليمية وثقافية

يولي متحف قطر الوطني اهتماماً كبيراً بالجانب التعليمي، ويقدم مجموعة متنوعة من البرامج التعليمية والثقافية:

5. برامج للمدارس

يقدم المتحف برامج مخصصة للمدارس، تتضمن جولات تعليمية وورش عمل تتناسب مع المناهج الدراسية المختلفة. تهدف هذه البرامج إلى تعريف الطلاب بتاريخ قطر وتراثها بطريقة تفاعلية وممتعة.

6. ورش عمل للأطفال والعائلات

ينظم المتحف ورش عمل متنوعة للأطفال والعائلات في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات المدرسية. تشمل هذه الورش أنشطة فنية وحرفية مستوحاة من التراث القطري، مثل صناعة السفن التقليدية، والنسيج، والخط العربي.

7. برامج للكبار

يقدم المتحف برامج متخصصة للكبار تشمل محاضرات، وندوات، وحلقات نقاش حول مواضيع متنوعة في التاريخ، والفن، والثقافة. كما ينظم دورات في الحرف التقليدية والفنون.

8. أهمية المتحف وتأثيره

يلعب متحف قطر الوطني دوراً محورياً في الحفاظ على التراث الثقافي القطري ونشره محلياً وعالمياً:

9. الهوية الوطنية

يساهم المتحف في تعزيز الهوية الوطنية القطرية، خاصة بين الأجيال الجديدة، من خلال توثيق تاريخ البلاد وتراثها وإبرازه بصورة معاصرة تجذب اهتمام الشباب.

10. التبادل الثقافي

يعد المتحف جسراً للتواصل الثقافي بين قطر والعالم، حيث يستقطب زواراً من مختلف أنحاء العالم، ويتيح لهم التعرف على الثقافة القطرية والخليجية، مما يسهم في تعزيز التفاهم بين الثقافات.

11. السياحة الثقافية

أصبح المتحف وجهة سياحية رئيسية في قطر، يساهم في تنويع المنتج السياحي القطري وتعزيز السياحة الثقافية، خاصة مع استضافة قطر لكأس العالم 2022، حيث شكل المتحف محطة أساسية في برنامج زيارة المشجعين.

12. البحث العلمي

يضم المتحف مركزاً للأبحاث يدعم الدراسات في مجالات التاريخ، والآثار، والأنثروبولوجيا، والفنون، مما يسهم في إثراء المعرفة عن منطقة الخليج العربي وتاريخها.

5. معلومات عملية للزوار

1. ساعات العمل

- السبت إلى الخميس: 9:00 صباحاً - 7:00 مساءً

- الجمعة: 1:30 ظهراً - 7:00 مساءً

- يغلق المتحف أيام الإثنين

2. رسوم الدخول

- البالغون (18 عاماً فما فوق): 50 ريال قطري

- الطلاب (حاملو بطاقات طلابية سارية): 25 ريال قطري

- الأطفال (دون 16 عاماً): مجاناً

- كبار السن (60 عاماً فما فوق): مجاناً

- المواطنون والمقيمون القطريون: مجاناً

3. كيفية الوصول

- بالسيارة: يتوفر موقف سيارات واسع تحت الأرض

- بالمترو: محطة المتحف الوطني على الخط الذهبي

- بالحافلة: تتوفر خدمة حافلات منتظمة من وإلى المتحف

- بالتاكسي: يمكن استخدام تطبيق كريم أو أوبر

4. نصائح للزيارة

- خصص 2-3 ساعات على الأقل لزيارة المتحف

- احجز تذاكرك مسبقاً عبر الموقع الإلكتروني، خاصة في مواسم الذروة

- استأجر دليلاً صوتياً أو انضم إلى جولة مصحوبة بمرشد للاستفادة القصوى من الزيارة

- التقط الصور للذكرى، لكن بدون فلاش في بعض الأقسام

- ارتد ملابس محتشمة احتراماً للثقافة المحلية

يعد متحف قطر الوطني أكثر من مجرد متحف؛ إنه مركز ثقافي متكامل يروي قصة أمة عريقة ويجسد هويتها وتطلعاتها. من خلال تصميمه المعماري المذهل ومعروضاته الفريدة وبرامجه المتنوعة، نجح المتحف في تقديم تجربة ثقافية غنية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتخاطب مختلف الفئات والأعمار.

يشكل متحف قطر الوطني اليوم معلماً بارزاً على خارطة السياحة الثقافية العالمية، ومنارة تشع بالمعرفة والإبداع، وشاهداً على مسيرة قطر نحو المستقبل مع الحفاظ على جذورها وتراثها العريق. إنه تجربة لا تُنسى لكل من يزور قطر، تترك أثراً عميقاً في نفوس الزوار وتمنحهم فهماً أعمق للثقافة القطرية والخليجية.