القائمة الرئيسية

الصفحات

أوكتافيان-أغسطس من الجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية

أوكتافيان-أغسطس

أوكتافيان-أغسطس من  الجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية

أوكتافيان (أغسطس) هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الروماني، حيث كان أول إمبراطور لروما وأسهم بشكل كبير في تحويل الجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية. فيما يلي بحث حول حياته وصعوده إلى السلطة.

 1. حياة أوكتافيان المبكرة وتعليمه

  • وُلد جايوس أوكتافيوس، المعروف لاحقًا باسم أغسطس، في 23 سبتمبر 63 ق.م في مدينة فيليا بالقرب من روما. كان ينحدر من عائلة رومانية نبيلة، وكان والده جايوس أوكتافيوس ضابطًا رفيع المستوى في الجمهورية الرومانية، أما والدته، أتيا، فكانت ابنة شقيقة يوليوس قيصر

  • تلقى أوكتافيان تعليماً متقدماً في روما، حيث درس الأدب، البلاغة، واللغة اليونانية، وهي دراسة كانت تعدّ تقليدًا للشباب الرومانيين النبلاء. كما تعلم الفلسفة والفنون العسكرية، مما أكسبه مهارات مهمة في الإدارة والحكم.

  • تأثر بشدة بشخصية خاله يوليوس قيصر الذي رأى فيه الوريث المناسب لقيادته. في سنواته المبكرة، بدأ أوكتافيان يتدرب على القيادة العسكرية، حيث أظهر ذكاءً عالياً في المعارك والتنظيم السياسي. هذا التعليم والتأثير العائلي كانا عنصرين حاسمين في إعداده للصعود إلى السلطة لاحقًا في روما.

 2. صعود أوكتافيان إلى السلطة

صعود أوكتافيان إلى السلطة كان نتيجة لسلسلة من الأحداث السياسية والعسكرية الهامة التي وقعت في أعقاب اغتيال خاله يوليوس قيصر عام 44 ق.م. بعد وفاة قيصر، اكتشف أوكتافيان أنه تم تبنيه كابن شرعي ووريث سياسي في وصية قيصر. رغم صغر سنه (18 عامًا فقط)، قرر المطالبة بميراثه السياسي.

 الصراع مع مارك أنطوني:

في البداية، كانت الساحة السياسية في روما تهيمن عليها مارك أنطوني، أحد قادة جيش قيصر، وماركوس ليبيدوس، الذي كان جزءًا من التحالف مع قيصر. أوكتافيان بدأ في تشكيل جيش خاص به باستخدام نفوذه المالي ومكانته كوريث لقيصر. تحالف لاحقًا مع مجلس الشيوخ الروماني الذي كان على خلاف مع أنطوني.

 التحالف الثلاثي:

في عام 43 ق.م، شكّل أوكتافيان تحالفًا مع مارك أنطوني وليبيدوس فيما يُعرف بـ "الثلاثي الثاني" (The Second Triumvirate)، وهو اتفاق سياسي لتقاسم السلطة والانتقام لمقتل قيصر. نجح هذا التحالف في هزيمة قتلة قيصر، بروتوس وكاسيوس، في معركة فيليبي عام 42 ق.م.

 الصراع مع مارك أنطوني وكليوباترا:

مع مرور الوقت، بدأت التوترات بين أوكتافيان ومارك أنطوني بالتصاعد، خاصة بعد أن تحالف أنطوني مع كليوباترا ملكة مصر. أوكتافيان استغل هذه العلاقة لأغراض دعائية، متهماً أنطوني بخيانة روما لصالح مصر. في عام 31 ق.م، واجهت قوات أوكتافيان قوات أنطوني وكليوباترا في معركة أكتيوم البحرية الشهيرة، حيث انتصر أوكتافيان بشكل حاسم.

 توحيد السلطة:

بعد انتحار أنطوني وكليوباترا في عام 30 ق.م، أصبح أوكتافيان الحاكم الوحيد لروما. في عام 27 ق.م، منح مجلس الشيوخ أوكتافيان لقب "أغسطس"، ليصبح أول إمبراطور لروما ويؤسس الإمبراطورية الرومانية، مُنهياً بذلك عصر الجمهورية.

 3. الصراع مع مارك أنطوني

الصراع بين أوكتافيان ومارك أنطوني كان جزءًا من التوترات السياسية المعقدة التي نشأت بعد اغتيال يوليوس قيصر في عام 44 ق.م. على الرغم من أن أوكتافيان ومارك أنطوني كانوا حلفاء في البداية، خصوصًا خلال فترة التحالف الثلاثي الثاني الذي ضم أيضًا ماركوس ليبيدوس، إلا أن التنافس بينهما تطور تدريجيًا إلى صراع مفتوح.

 بداية التوتر:

بعد اغتيال قيصر، شكل أوكتافيان ومارك أنطوني وليبيدوس التحالف الثلاثي الثاني في عام 43 ق.م لتقاسم السلطة والتخلص من قتلة قيصر. ورغم هذا التحالف، سرعان ما بدأت التوترات بين أوكتافيان وأنطوني تظهر، خاصة عندما انتقل أنطوني إلى الشرق وتزوج كليوباترا ملكة مصر، مما أثار حفيظة أوكتافيان الذي بدأ يستخدم هذه العلاقة لصالحه في الصراع السياسي.

 الحملة الدعائية:

أوكتافيان استغل العلاقة بين أنطوني وكليوباترا لتشويه صورة أنطوني في روما. بدأ يُصور أنطوني على أنه خائن للإمبراطورية الرومانية بسبب تقاربه مع كليوباترا، واتهمه بأنه يسعى لتحويل روما إلى تابع للإمبراطورية المصرية. من خلال حملة دعائية قوية، نجح أوكتافيان في كسب تأييد الشعب الروماني، مما أدى إلى تصاعد الصراع السياسي بينهما.

 الصراع العسكري:

الصراع بين الرجلين بلغ ذروته في معركة أكتيوم البحرية الشهيرة عام 31 ق.م. حيث خاضت قوات أنطوني وكليوباترا معركة ضد قوات أوكتافيان. انتصر أوكتافيان في هذه المعركة، مما أدى إلى انهيار موقف أنطوني وكليوباترا.

 النهاية:

بعد الهزيمة في معركة أكتيوم، لجأ أنطوني وكليوباترا إلى الإسكندرية. في عام 30 ق.م، وبعد اقتراب قوات أوكتافيان من الإسكندرية، انتحر مارك أنطوني وكليوباترا. هذا الصراع أنهى حقبة الجمهورية الرومانية وأدى إلى صعود أوكتافيان كأول إمبراطور لروما تحت اسم أغسطس، مما شكل بداية الإمبراطورية الرومانية.

 4. تأسيس الإمبراطورية الرومانية

بعد انتصار أوكتافيان في معركة أكتيوم عام 31 ق.م والقضاء على مارك أنطوني وكليوباترا، أصبح أوكتافيان الشخص الأقوى في العالم الروماني. هذا الانتصار وضعه في موقع يتيح له إعادة تشكيل النظام السياسي الروماني وتأسيس الإمبراطورية الرومانية.

 التحول من الجمهورية إلى الإمبراطورية:

رغم أن أوكتافيان كان يملك القوة العسكرية والسياسية المطلقة بعد انتصاره، إلا أنه تجنب إعلان نفسه ملكًا، لأن الرومان كانوا يمقتون فكرة الملكية. بدلاً من ذلك، أظهر حكمة سياسية بالعمل على إصلاح الجمهورية الرومانية، التي كانت تترنح بسبب الحروب الأهلية والتفكك السياسي.

في 27 ق.م، أعلن أوكتافيان استعادة النظام الجمهوري وسلّم صلاحياته إلى مجلس الشيوخ، مما أكسبه احترامًا واسعًا. لكن، في المقابل، منحه مجلس الشيوخ ألقابًا وسلطات استثنائية، بما في ذلك لقب "أغسطس" (المبجل)، وهو لقب يشير إلى مقام ديني وسياسي عظيم. أصبح "أغسطس" القائد الأعلى للقوات المسلحة واحتفظ بالسلطات الأساسية التي سمحت له بالتحكم في الشؤون السياسية والعسكرية للدولة.

 نظام الحكم الجديد:

على الرغم من أنه حافظ على مظاهر الجمهورية، إلا أن أغسطس أنشأ نظامًا جديدًا، كان فعليًا إمبراطورية. احتفظ بالسيطرة المطلقة على الجيش، مما ضمن له القوة الفعلية. كما ركز السلطة في شخصه، بينما منح مجلس الشيوخ والمجالس الشعبية بعض السلطات الشكلية، لكنه ظل الحاكم الفعلي للدولة.

 إنجازات أوكتافيان (أغسطس) في بناء الإمبراطورية:

1. استقرار سياسي: تمكن أوكتافيان من إنهاء الحروب الأهلية وتوحيد العالم الروماني، مما جلب استقرارًا دام لعقود.

2. إصلاحات إدارية: أجرى إصلاحات إدارية واسعة لتحسين الحكم في المقاطعات الرومانية، مما عزز من سيطرة الدولة المركزية.

3. توسيع الإمبراطورية: واصل أغسطس توسيع حدود الإمبراطورية، مما جعلها أكبر قوة في العالم.

4. إصلاحات اقتصادية: أجرى إصلاحات مالية واسعة وأسس نظامًا ضريبيًا أكثر كفاءة، مما ساعد في زيادة الموارد المالية للدولة.

 ولادة الإمبراطورية الرومانية:

من خلال مزيج من الحكمة السياسية، القوة العسكرية، والإصلاحات الإدارية، أسس أوكتافيان عهدًا جديدًا في التاريخ الروماني، عرف بـالإمبراطورية الرومانية. حكم أوكتافيان كإمبراطور تحت اسم أغسطس حتى وفاته في عام 14 م، وأصبح نظام الحكم الإمبراطوري هو النموذج السياسي السائد في روما لعدة قرون بعد ذلك.

 5. إصلاحات أوكتافيان وأثرها

أوكتافيان (أغسطس) قام بسلسلة من الإصلاحات الواسعة التي تركت أثرًا عميقًا على الإمبراطورية الرومانية وساعدت في تشكيلها كقوة عالمية مستقرة ومتقدمة. كانت إصلاحاته تهدف إلى تعزيز الحكم المركزي، تحسين الإدارة، وضمان الاستقرار السياسي و الاجتماعي. إليك بعض الإصلاحات البارزة وتأثيرها:

 1. الإصلاحات الإدارية:

  •  إعادة تنظيم الحكومة: جعل أغسطس الإدارة أكثر كفاءة عن طريق تقليص سلطة مجلس الشيوخ وتعزيز سلطته الشخصية كـ"إمبراطور". حافظ على الشكل الجمهوري ظاهريًا، لكنه أصبح الحاكم الفعلي، مما أرسى دعائم الحكم الإمبراطوري.

  •  تقسيم المقاطعات: قسم المقاطعات الرومانية إلى نوعين؛ مقاطعات يديرها مجلس الشيوخ، وأخرى تحت سيطرة الإمبراطور مباشرة (غالبًا المقاطعات الأكثر أهمية من الناحية العسكرية). هذا أعطاه سيطرة مباشرة على المناطق الاستراتيجية.

 2. إصلاح الجيش:

  •  التحكم في القوات: جعل أغسطس الجيش الروماني أكثر احترافية، حيث أصبح الجنود يخدمون لفترات طويلة برواتب منتظمة، وحصلوا على معاشات بعد نهاية خدمتهم. هذا النظام ساعد في تعزيز الولاء للإمبراطور وأدى إلى تقليص الفوضى التي كانت تحدث بسبب الجنود غير المنضبطين.

  •  إنشاء قوة الحرس الإمبراطوري: أسس قوة خاصة من الجنود النخبة لحماية الإمبراطور، عُرفت باسم "الحرس البريتوري"، ما عزز سلطته وحمايته الشخصية.

 3. الإصلاحات الاقتصادية:

  •  استقرار النظام الضريبي: أدخل أغسطس نظامًا ضريبيًا أكثر انتظامًا وكفاءة، مما سمح بجمع الضرائب بشكل عادل ومستدام في جميع أنحاء الإمبراطورية. هذه الإصلاحات ساعدت في تعزيز الاقتصاد وزيادة الإيرادات الحكومية.

  •  تحسين البنية التحتية: قام بتمويل العديد من المشاريع العامة، مثل بناء الطرق والجسور وتحسين أنظمة المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء الإمبراطورية، مما ساهم في تعزيز التجارة والتواصل بين أجزاء الإمبراطورية.

 4. الإصلاحات الاجتماعية:

  •  القوانين الأخلاقية: أطلق أغسطس قوانين تهدف إلى تعزيز القيم الرومانية التقليدية، مثل تشجيع الزواج والإنجاب، وتقليل الفساد والترف. كانت هذه القوانين تهدف إلى إصلاح الأخلاق العامة وتعزيز التضامن الاجتماعي.

  •  تحسين وضع الطبقات الاجتماعية: حاول أوكتافيان تحسين العلاقة بين الطبقات الاجتماعية من خلال الإصلاحات القانونية والاقتصادية التي حسنت من أوضاع الفقراء والجنود المتقاعدين.

 5. إصلاحات قضائية:

- إعادة هيكلة النظام القضائي: أعاد أغسطس تنظيم القضاء الروماني من خلال تعزيز سلطة المحاكم وجعل القوانين أكثر وضوحًا، مما ساعد في تحقيق عدالة أفضل وزيادة ثقة المواطنين في النظام.

 أثر إصلاحات أوكتافيان:

  • استقرار طويل الأمد: ساهمت إصلاحات أغسطس في استقرار سياسي واقتصادي طويل الأمد داخل الإمبراطورية الرومانية، مما جعل فترة حكمه تعرف بـ"السلام الروماني" (Pax Romana). هذه الفترة تميزت بغياب الحروب الأهلية وازدهار اقتصادي وفني.

  •  تعزيز السلطة المركزية: جعلت إصلاحاته السلطة الإمبراطورية أكثر استقرارًا وفعالية، حيث ظل الإمبراطور هو القوة العليا في الدولة. ساعدت هذه الإصلاحات في الحفاظ على الوحدة داخل الإمبراطورية عبر فترات متعاقبة.

  •  تراث دائم: إصلاحات أغسطس أصبحت نموذجًا لكيفية حكم إمبراطورية ضخمة ومعقدة. شكلت إدارته أساس النموذج السياسي للإمبراطورية الرومانية التي استمرت لعدة قرون بعد وفاته.

إصلاحات أوكتافيان أرسخت أساسًا قويًا للإمبراطورية الرومانية، وحفرت اسمه كأحد أعظم القادة الرومان في التاريخ.

 6. السلام الروماني (Pax Romana)

السلام الروماني (Pax Romana) هي فترة استثنائية من السلام والاستقرار النسبي التي شهدتها الإمبراطورية الرومانية لمدة تقارب الـ 200 عام، بدءًا من عهد الإمبراطور أوغسطس (أوكتافيان) في 27 ق.م وحتى حوالي 180 م. تميزت هذه الحقبة بالازدهار الاقتصادي، والاستقرار السياسي، والتوسع الثقافي، والنمو في البنية التحتية، وهي تُعتبر واحدة من أعظم الفترات في التاريخ الروماني.

 1. بداية السلام الروماني:

  •  بدأت هذه الفترة مع أوغسطس الذي أنهى الحروب الأهلية التي هزت الجمهورية الرومانية خلال العقود السابقة، وذلك بعد انتصاره في معركة أكتيوم وهزيمة منافسيه السياسيين، وخاصة مارك أنطوني و كليوباترا. من خلال إصلاحاته السياسية والعسكرية، استعاد النظام والاستقرار في جميع أنحاء الإمبراطورية.

 2. العوامل التي ساهمت في السلام الروماني:

  • الإصلاحات الإدارية: قام أوغسطس بإعادة هيكلة الإدارة الرومانية، مما ساعد في تنظيم السلطة وإدارتها بفعالية. أقام نظامًا قانونيًا وإداريًا صارمًا، مما ساهم في تقليل الاضطرابات السياسية.

  •  قوة الجيش الروماني: كان الجيش الروماني قوة رئيسية في حفظ الأمن. عزز أوغسطس الجيش وجعله قوة دفاعية تضمن استقرار الحدود الرومانية، بدلاً من خوض الحروب الأهلية المتكررة.

  •  تطوير البنية التحتية: قام أوغسطس بتوسيع البنية التحتية مثل الطرق والجسور والقنوات المائية، مما ساهم في تسهيل الحركة والتجارة، وربط أجزاء الإمبراطورية بشكل أفضل.

 3. الازدهار الاقتصادي:

  •  خلال هذه الفترة، ازدهرت التجارة الداخلية والخارجية. ساعدت شبكة الطرق الرومانية المترامية الأطراف في نقل البضائع بشكل سريع بين أجزاء الإمبراطورية. كما أدى الاستقرار السياسي إلى تزايد الثقة في الأسواق والتجارة، مما ساهم في نمو المدن والاقتصاد.

 4. التوسع الثقافي:

 5. التحديات المحدودة:

  •  على الرغم من السلام النسبي، لم تكن الفترة خالية من النزاعات تمامًا. كانت هناك بعض التمردات المحلية والنزاعات الحدودية، خاصة في ألمانيا والمناطق الشرقية، إلا أن النظام العام بقي ثابتًا بفضل قوة الجيش والإدارة الفعالة.

 6. أثر السلام الروماني:

  •  استقرار الإمبراطورية: وفرت هذه الحقبة استقرارًا طويل الأمد في الإمبراطورية، ما سمح بتقدم مستمر في الفنون، العلم، والفكر. شكل هذا الاستقرار أيضًا الأساس الذي بُنيت عليه الإمبراطورية الرومانية الغربية والشرقية فيما بعد.

  •  النمو الحضاري: شهدت فترة السلام الروماني ازدهارًا في الأدب والفلسفة والفنون. المؤرخون والشعراء الرومانيون، مثل فيرجيل وتاسيتوس، أنتجوا أعمالًا أدبية خالدة خلال هذه الحقبة.

  •  نمو المدن: انتشرت المدن الرومانية الكبرى في جميع أنحاء الإمبراطورية، وتم تطويرها بنظام الصرف الصحي، المياه، والحمامات العامة، ما ساعد في تحسين مستوى المعيشة.

 7. نهاية السلام الروماني:

  •  بدأت هذه الفترة بالتراجع في عهد الإمبراطور كومودوس (180 م). فقد عانت الإمبراطورية من زيادة الضغوط الداخلية والخارجية، بما في ذلك الفساد الحكومي، التوترات الاجتماعية، والتهديدات البربرية على الحدود، ما أدى إلى زعزعة استقرارها تدريجيًا.

كان السلام الروماني (Pax Romana) من أعظم الفترات في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، حيث شهدت فيها الإمبراطورية ذروة قوتها ونفوذها، وأحدثت تقدمًا كبيرًا في مجالات الاقتصاد، الفنون، والثقافة. أسس هذه الحقبة كانت من إنجازات أوغسطس، والإصلاحات التي قام بها، وأثرها استمر لعقود طويلة.

 7. وفاة أوكتافيان وإرثه

  • توفي أوكتافيان، الذي أصبح يُعرف باسم أغسطس، في 19 أغسطس 14 م عن عمر يناهز 75 عامًا، في قصره بمدينة نولا بالقرب من نابولي. كانت وفاته نتيجة مرض طويل الأمد، وقد اعتبرت وفاته نهاية لعصر من التحولات الكبرى في التاريخ الروماني. في السنوات الأخيرة من حكمه، كان أغسطس قد أعد خليفته تيبريوس، الذي تولى الحكم بعده.

  • إرث أوكتافيان لا يُقدر بثمن. بعد وفاته، أصبح يُعتبر أحد أعظم القادة في التاريخ الروماني، بفضل نجاحاته في إعادة بناء الإمبراطورية الرومانية بعد فترة من الفوضى. أحدثت إصلاحاته الجذرية تغييرات هامة في هيكل السلطة، حيث استبدل النظام الجمهوري المتهالك بنظام إمبراطوري مركزي مستقر. وضع العديد من الأسس التي ستشكل الإمبراطورية الرومانية على مدار القرون التالية.

  • إنهاء الأزمات السياسية، وتحقيق السلام الطويل الأمد (Pax Romana)، وتعزيز الاقتصاد، وتطوير البنية التحتية، كانت من بين إنجازاته التي ساهمت في تعزيز قوة الإمبراطورية وازدهارها. كذلك، عُرف أغسطس بإصلاحاته الإدارية والدينية التي أسهمت في توطيد سلطته وضمان استمرارية النظام الإمبراطوري.

  • إرث أغسطس لا يقتصر فقط على إنجازاته السياسية والإدارية، بل يتجلى أيضًا في تأثيره الثقافي والحضاري. فقد أصبحت فترة حكمه نموذجًا للأجيال اللاحقة، وقُدِّرَ دوره في تشكيل التاريخ الروماني بشكل ملحوظ. عبرت الأجيال اللاحقة عن احترامها وتقديرها لإنجازاته، واعتُبرت فترة حكمه بداية لعصر من الاستقرار والازدهار في تاريخ روما.

خاتمة   

  • أوكتافيان، الذي أصبح لاحقًا أغسطس، يعد من أعظم الشخصيات في التاريخ الروماني ومن أكثرها تأثيرًا. بفضل حنكته السياسية، ومهاراته العسكرية، ورؤيته الواضحة، نجح في تحويل الجمهورية الرومانية الهشة إلى إمبراطورية قوية ومستقرة. استغل أوكتافيان الفراغ السياسي الذي خلفته الحروب الأهلية ليصبح أول إمبراطور لروما، وقام بتأسيس نظام سياسي جديد قام على مركزية السلطة، مع الحفاظ على واجهة الجمهورية.

  • في عهده، بدأت فترة السلام الروماني (Pax Romana)، التي جلبت للإمبراطورية الرومانية استقرارًا وازدهارًا استمر لأكثر من قرنين. بفضل إصلاحاته الإدارية والعسكرية، عزز أغسطس مكانة الإمبراطورية ووضع الأسس لحضارة عالمية أثرت على الأجيال اللاحقة. وعلى الرغم من التحديات التي واجهها في حياته، تمكن من الحفاظ على استقرار روما وتوسيع حدودها.

  • كان إرث أوكتافيان هائلًا، فقد رسخ فكرة الإمبراطورية الرومانية وأسس نظامًا سياسيًا استمر لقرون. إن نجاحه في تحقيق الاستقرار والتنمية جعل منه شخصية بارزة في التاريخ، ليس فقط كرجل دولة، ولكن أيضًا كقائد أحدث تغييرًا جوهريًا في مسار الحضارة الرومانية والعالمية.

اقرا أيضا - مواضيع تكميلية

  • مسرح أورانج-أثار الحضارة الرومانية . رابط 
  • الامبراطور الروماني جوييوس قيصر أوغسطس-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • معبد ميزون كاريه-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • مدرج نيم-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • الطريق الأبيني-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • مسرح مارسيليوس المعالم البارزة في روما القديمة-أثار الحضارة الرومانية. رابط
  • قبر أغسطس الامبراطور الروماني و أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • حمامات كاراكلا-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • البانثيون-معبد روماني قديم-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • المنتدى الروماني-فوروم رومانوم-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • قناة أكوا كلوديا في أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • كاتاكومب روما-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • سيرك ماكسيموس-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • قصر دقلديانوس-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • قوس النصر في روما-قوس قسطنطين-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • البازيليك الرومانية والكنائس البازيليكية-أثار الحضارة الرومانية . رابط
  • آثار الحضارة الرومانية-الامبراطورية الرومانية . رابط

مراجع  أوكتافيان 

"تاريخ الرومان" - تأليف: د. محمد عبد الله عنان

"الإمبراطورية الرومانية: نشأتها وتطورها" - تأليف: د. إبراهيم سليم

"الأباطرة الرومان: سيرتهم وحكمهم" - تأليف: د. خالد جبر

"تاريخ روما السياسي والاجتماعي" - تأليف: د. يوسف زيدان

"الإمبراطورية الرومانية: من الجمهورية إلى الإمبراطورية" - تأليف: د. أحمد شوقي

"أعلام التاريخ الروماني" - تأليف: د. سامي الدروبي

"تاريخ الأباطرة الرومان: أغسطس ونيرون" - تأليف: د. يوسف عبد الرحمن

"الإصلاحات السياسية في عصر أوكتافيان" - تأليف: د. محمود الدسوقي

"حياة أغسطس: الإمبراطور الأول" - تأليف: د. حسين الرشيدي

"تاريخ الإمبراطورية الرومانية في العهد الإمبراطوري" - تأليف: د. جمال الملاح

"الأسس السياسية للإمبراطورية الرومانية" - تأليف: د. فؤاد القاضي

"فجر الإمبراطورية: أوكتافيان وأولئك الذين شكلوا روما" - تأليف: د. سمير الشاذلي

"أوكتافيان: من القائد إلى الإمبراطور" - تأليف: د. نور الدين عامر

"المجتمع والسياسة في عصر أغسطس" - تأليف: د. عادل زكريا

"الإصلاحات والإدارات الرومانية تحت حكم أغسطس" - تأليف: د. أحمد الطيب

"الأثر الثقافي والسياسي لأوكتافيان" - تأليف: د. سعاد المهدوي

"الأباطرة الرومان: أغسطس ونيرون" - تأليف: د. سامي عبد القادر

"الأنظمة السياسية في روما القديمة" - تأليف: د. حسن قاسم

"القيادة والإدارة في عصر الإمبراطورية الرومانية" - تأليف: د. صبري عارف

"تاريخ روما: من الجمهورية إلى الإمبراطورية" - تأليف: د. محمد توفيق


تعليقات

محتوى المقال