العصر الحجري الأوسط (Mesolithic)
العصر الحجري الأوسط (Mesolithic) هو فترة انتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، ويغطي فترة زمنية تتراوح تقريبًا من 10,000 إلى 5,000 سنة مضت، اعتمادًا على الموقع الجغرافي. يمثل هذا العصر تحولا مهما في أنماط الحياة البشرية، ويُعرف بخصائص معينة تميزه عن الفترات السابقة واللاحقة:
1. العصر الحجري الأوسط (Mesolithic) الخلفية الزمنية
العصر الحجري الأوسط جاء بعد نهاية العصر الجليدي الأخير، وهو فترة من التغيير البيئي الكبير الذي أثر على المجتمعات البشرية. مع ذوبان الأنهار الجليدية وتغير المناخ، بدأت المجتمعات البشرية في التكيف مع بيئات جديدة، مما أدى إلى تحولات في أساليب الصيد والتجميع.
1. نهاية العصر الجليدي الأخير:
- التغيرات المناخية: العصر الحجري الأوسط شهد نهاية العصر الجليدي الأخير، الذي كان يتميز بانخفاض درجات الحرارة وتوسع الأنهار الجليدية. مع ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفعت درجات الحرارة وظهرت بيئات جديدة.
- التأثيرات البيئية: التغيرات المناخية أدت إلى تحولات كبيرة في البيئة، مما أثر على توزيع النباتات والحيوانات. أصبحت الأراضي أكثر خضرة وظهرت أنواع جديدة من النباتات والحيوانات التي كانت غير موجودة سابقًا.
2. الانتقال من الصيد والجمع إلى الاستقرار:
- التغير في أساليب الحياة: مع التحسن في الظروف البيئية، بدأت المجتمعات البشرية في التكيف مع بيئات جديدة من خلال التوسع في الصيد والتجمع، وتطور أساليب الصيد وجمع الغذاء. شهدت هذه الفترة زيادة في الاستقرار الجزئي في بعض المناطق، وهو ما يمكن اعتباره بداية للانتقال نحو المجتمعات الأكثر استقرارًا التي ستظهر في العصر الحجري الحديث.
- التوسع الجغرافي: أدى التغير في المناخ إلى توسع البشر في مناطق جديدة، حيث انتقلوا إلى المناطق التي كانت ذات ظروف أكثر ملاءمة للحياة.
3. التغيرات في البيئة المائية:
- التغيرات في مستويات المياه: مع ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفعت مستويات المحيطات والبحار، مما أدى إلى تغييرات في النظم البيئية المائية. هذه التغيرات أثرت على المناطق الساحلية والأنهار، مما خلق بيئات جديدة مثل المستنقعات والأراضي الرطبة.
- التأثير على المجتمعات: التغيرات في البيئة المائية أثرت على مصادر الغذاء المتاحة وأثرت على الأنشطة الاقتصادية، حيث أصبحت الأسماك والمصادر المائية الأخرى أكثر أهمية.
4. ظهور الأدوات والتقنيات الجديدة:
- تطوير الأدوات: مع التغيرات البيئية، تطورت تقنيات صناعة الأدوات لتلبية الاحتياجات الجديدة. شهد العصر الحجري الأوسط ابتكار أدوات صغيرة تعرف بالميكروليثات، التي كانت أكثر تنوعًا وفعالية في الصيد وجمع الطعام.
- الابتكارات التقنية: تم تطوير تقنيات جديدة في معالجة المواد، بما في ذلك تحسين طرق تكسير الصوان وصنع الأدوات.
5. بداية التغيرات الاجتماعية:
- أنماط الاستيطان: بدأت بعض المجتمعات في بناء مساكن أكثر ديمومة، مما يعكس بداية التحول نحو الاستقرار الجزئي. هذا التغير في أساليب الاستيطان هو مقدمة للتحولات الكبيرة التي ستحدث في العصر الحجري الحديث.
العصر الحجري الأوسط يمثل فترة حاسمة في تطور الإنسان، حيث شهدت نهاية العصر الجليدي وتغيرات بيئية كبيرة أدت إلى تطورات في أساليب الحياة والتكنولوجيا. هذا العصر كان بمثابة جسر بين العصور القديمة والحديثة، مما ساهم في تشكيل الأسس التي أدت إلى ظهور المجتمعات الزراعية والاستقرار الذي تميز به العصر الحجري الحديث.
2. الأدوات والتقنيات في العصر الحجري الأوسط (Mesolithic)
العصر الحجري الأوسط شهد تطوراً ملحوظاً في أدوات الإنسان والتقنيات المستخدمة، وهو ما يعكس التكيف مع التغيرات البيئية والتحولات في نمط الحياة. هذه الأدوات والتقنيات تعكس التقدم الذي أحرزته المجتمعات البشرية في هذا العصر وتوضح كيفية استجابتها للتغيرات البيئية والاجتماعية.
1. الأدوات الحجرية:
- الميكروليثات (Microliths): تُعتبر الأدوات الصغيرة والمعقدة المعروفة بالميكروليثات من أهم إنجازات العصر الحجري الأوسط. كانت هذه الأدوات تُصنع من قطع صغيرة من الصوان أو الكوارتز، وقد صُنعت بتقنيات متقدمة لزيادة كفاءتها. كانت تستخدم بشكل أساسي كأجزاء من أدوات مركبة مثل الأسلحة والأدوات الزراعية.
- الأدوات المركبة: تم استخدام الميكروليثات بشكل شائع كجزء من أدوات مركبة، حيث كانت تُركب على مقابض خشبية أو عظمية لتشكيل الأدوات المستخدمة في الصيد والقطع. هذا الابتكار ساعد على تحسين فعالية الأدوات وجعلها أكثر ملاءمة لمهام محددة.
- الأدوات المصنوعة من العظام والخشب: بجانب الأدوات الحجرية، بدأ الإنسان في استخدام العظام والخشب في صناعة الأدوات، مثل الرماح والمكاشط، مما ساعد في تحسين قدرتهم على الصيد وجمع الطعام.
2. التقنيات المستخدمة:
- تقنيات التحضير والتقطيع: تطورت تقنيات تحضير الأدوات خلال العصر الحجري الأوسط، حيث تم استخدام طرق دقيقة لتحضير الصوان والحجر بطريقة فعالة. شملت هذه التقنيات النقر والشحذ والتكسير لتحقيق الشكل والوظيفة المطلوبة للأدوات.
- التقنيات التكميلية: استخدمت تقنيات التدوير والضغط لتشكيل الأدوات الصغيرة بدقة. كان يتم ضغط الحافة النشطة للميكروليثات لتجعلها أكثر حدة وفعالية في الاستخدام.
- التصنيع المركب: استخدمت تقنيات التصنيع المركب بشكل متزايد، حيث تم دمج أدوات حجرية مع مقابض خشبية أو عظمية لتشكيل أدوات أكثر تعقيداً وفعالية. هذا يعكس تطوراً في فهم الإنسان لكيفية تحسين أدواته وزيادة كفاءتها.
3. الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية:
- أدوات الصيد: شملت الأدوات المستخدمة في الصيد الرماح والأسهم التي كانت مزودة برؤوس حجرية دقيقة. تطور التصميم والتحضير لهذه الأدوات ساعد على تحسين فعالية الصيد.
- أدوات القطع: استخدمت أدوات القطع المصنوعة من الصوان لتحضير الطعام ومعالجة المواد الخام مثل الجلد والعظام.
- أدوات التكسير والضغط: كانت تُستخدم أدوات التكسير والضغط لتحضير الطعام، مثل المكاشط التي تُستخدم لتنظيف الجلد أو العظام.
4. الابتكارات التقنية:
- التقنيات التكنولوجية: شهد العصر الحجري الأوسط ابتكارات في تقنيات صناعة الأدوات، مثل تطوير أدوات تشبه الشفرات الكبيرة، والتي كانت أكثر ملاءمة لعمليات القطع والتحضير.
- الابتكارات في البناء: بدأت تظهر تقنيات البناء البدائية، حيث شُيدت المساكن من مواد مثل الخشب والحجارة، مما يعكس بداية الاستقرار الجزئي في بعض المناطق.
الأدوات والتقنيات المستخدمة خلال العصر الحجري الأوسط تعكس تطوراً مهماً في تاريخ البشرية. من خلال ابتكار أدوات صغيرة ومعقدة مثل الميكروليثات، وتحسين التقنيات المستخدمة في تحضير الأدوات، استطاع الإنسان أن يتكيف مع التغيرات البيئية ويطور أساليب حياة أكثر كفاءة. هذه الابتكارات ساهمت في تأسيس الأسس التي أدت إلى التحولات الكبرى في العصر الحجري الحديث.
3. الأنشطة الاقتصادية في العصر الحجري الأوسط (Mesolithic)
العصر الحجري الأوسط، الذي يُعرف أيضاً بالعصر الميزوليتي، هو فترة انتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث. شهد هذا العصر تطورات ملحوظة في الأنشطة الاقتصادية، والتي كانت تتكيف مع التغيرات البيئية والاجتماعية في تلك الفترة.
1. الصيد:
- تقنيات الصيد: خلال العصر الحجري الأوسط، تطورت تقنيات الصيد بشكل كبير. استخدم الناس أسلحة مصممة خصيصاً للصيد، مثل الرماح والعصي المحورة، التي كانت مزودة برؤوس حجرية صغيرة ومصممة بدقة. وقد ساعد هذا التقدم في تحسين فعالية الصيد.
- الصيد الجماعي: ازداد الاهتمام بالصيد الجماعي، حيث تعاون أفراد المجموعة لاصطياد الحيوانات الكبيرة. كان هذا التعاون أساسياً لتأمين الغذاء في بيئات صعبة وغير مستقرة.
2. جمع الطعام:
- جمع النباتات والفواكه: بجانب الصيد، كان جمع النباتات والفواكه جزءاً أساسياً من الاقتصاد في العصر الحجري الأوسط. استخدم الناس أدوات حجرية لجمع وتحضير المواد الغذائية مثل الجذور والبذور والفواكه.
- تطور تقنيات الجمع: تطورت تقنيات جمع الطعام بفضل ابتكار أدوات مثل المكاشط والمناجل، التي سهلت جمع النباتات وإعدادها للطعام.
3. الصيد البحري:
- الصيد في المياه: في بعض المناطق الساحلية، بدأ الإنسان في ممارسة الصيد البحري، حيث استخدم قوارب بسيطة وصنع أدوات صيد خاصة للأسماك. تطورت هذه الأنشطة تدريجياً وأصبحت جزءاً مهماً من الاقتصاد المحلي.
- استخدام الشِباك: تم استخدام الشِباك وصيد الأسماك في الأنهار والبحيرات، مما ساعد على تنوع مصادر الغذاء وتقليل الاعتماد على الصيد البري فقط.
4. الاستقرار الجزئي:
- الاستقرار في المناطق الغنية: بدأت بعض المجتمعات في الاستقرار بشكل جزئي في المناطق الغنية بالموارد مثل الأنهار والبحيرات، حيث تم إنشاء مستوطنات صغيرة. هذا الاستقرار سمح بتطوير طرق أكثر كفاءة لجمع الطعام وإدارة الموارد.
- بناء المساكن: بفضل الاستقرار الجزئي، بدأت تظهر مستوطنات دائمة تتضمن مساكن مبنية من المواد المتاحة مثل الأخشاب والحجارة، مما سمح بتحسين ظروف المعيشة وتوفير المخزون الغذائي.
5. التجارة والتبادل:
- التجارة المحلية: ظهرت علامات على وجود تبادل للموارد بين المجتمعات المختلفة. تم تبادل الأدوات والحيوانات والمواد الغذائية بين المجتمعات القريبة، مما ساهم في تنمية العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.
- التبادل الثقافي: أدى التبادل التجاري إلى تبادل المعرفة والتقنيات، مما ساهم في تعزيز الابتكارات وتطوير الأدوات والأساليب الاقتصادية.
الأنشطة الاقتصادية في العصر الحجري الأوسط تعكس تحولاً ملحوظاً نحو التكيف مع البيئات المتغيرة وتحسين الأساليب المعيشية. من خلال تطور تقنيات الصيد وجمع الطعام، والبدء في الاستقرار الجزئي، وتوسيع نطاق التجارة والتبادل، تمكّن الإنسان من مواجهة التحديات البيئية وتعزيز استقرار المجتمعات. هذه التطورات كانت أساساً للانتقال إلى العصر الحجري الحديث، حيث بدأت تظهر أنماط حياة أكثر استقراراً وتعقيداً.
4. الاستقرار الاجتماعي في العصر الحجري الأوسط (Mesolithic)
العصر الحجري الأوسط، الذي امتد تقريباً من نهاية العصر الحجري القديم إلى بداية العصر الحجري الحديث، شهد تغييرات هامة في هيكل وتكوين المجتمعات البشرية. كانت هذه الفترة فترة انتقالية شهدت تطورات ملحوظة في جوانب الاستقرار الاجتماعي والتأقلم مع البيئات المتغيرة.
1. التحولات في التنظيم الاجتماعي:
- المجتمعات الصغيرة: في العصر الحجري الأوسط، كانت المجتمعات غالباً ما تكون صغيرة نسبياً. كانت تتألف من مجموعات عائلية أو قبائل تتنقل معاً في أنماط متكررة. هذا التنظيم كان يناسب نمط الحياة شبه المستقر مع التنقل المحدود.
- التجمعات الموسمية: بدأت بعض المجتمعات في التكيف مع الاستقرار الجزئي من خلال التمركز في مواقع غنية بالموارد. كان يتم التحرك وفقاً للمواسم لتجنب الفصول القاسية ولجمع الموارد المتاحة.
2. تحسين المساكن والمرافق:
- بناء المساكن: مع الاستقرار الجزئي، ظهرت دلائل على تحسينات في بناء المساكن. كانت المساكن في هذه الفترة غالباً ما تُبنى من المواد المتاحة مثل الخشب والحجارة والأعشاب. كانت هناك أيضاً دلائل على استخدام النار بشكل أكثر تنظيمًا في الداخل لتوفير الدفء والطهي.
- المرافق الاجتماعية: ظهرت بعض الأدوات والمرافق التي تعكس تحسين ظروف المعيشة، مثل مناطق للطهي والتخزين، مما يشير إلى بداية تطوير نمط حياة أكثر استقراراً وتنظيماً.
3. الأنشطة الاقتصادية الداعمة للاستقرار:
- الزراعة المبكرة: في بعض المناطق، بدأت المجتمعات في تبني أشكال مبكرة من الزراعة وجمع المحاصيل، مما ساعد على استقرار السكان في مواقع ثابتة لفترات أطول. كان هذا التحول تدريجياً وأسهم في تحسين الأمن الغذائي.
- تربية الحيوانات: بجانب الصيد وجمع الطعام، بدأت المجتمعات في تربية الحيوانات مثل الأغنام والماعز، مما ساهم في تطوير استراتيجيات أكثر استدامة للتغذية والموارد.
4. الروابط الاجتماعية والأنشطة الثقافية:
- الأنشطة الجماعية: شهد العصر الحجري الأوسط تطوراً في الأنشطة الاجتماعية الجماعية، بما في ذلك الاحتفالات والطقوس الدينية، التي عززت الروابط بين أفراد المجتمع.
- التبادل الثقافي: مع الاستقرار الجزئي وزيادة التفاعل بين المجتمعات، ظهرت دلائل على تبادل الأفكار والتقنيات بين المجموعات المختلفة. هذا التبادل ساعد في تحسين الأدوات والتقنيات الاجتماعية.
5. تنظيم المجتمع ومؤسسات جديدة:
- تنظيم المجتمع: على الرغم من أن المجتمعات كانت ما تزال صغيرة نسبياً، بدأت تظهر علامات على شكل من التنظيم الاجتماعي. قد تكون هذه التنظيمات شملت قيادات محلية أو تقسيماً للأدوار والمهام بين الأفراد.
- ظهور الرموز والأنشطة الثقافية: كان هناك استخدام متزايد للرموز الفنية والأدوات التي تعكس الهوية الثقافية للمجتمعات. هذه الرموز قد تكون ذات دلالات اجتماعية ودينية.
الاستقرار الاجتماعي في العصر الحجري الأوسط يعكس تحولاً نحو تنظيم اجتماعي أكثر استقراراً وتنظيماً. من خلال تحسين المساكن والمرافق، وتبني أشكال مبكرة من الزراعة وتربية الحيوانات، وتعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الثقافية، تمكنت المجتمعات من التكيف مع البيئة المتغيرة وتحقيق استقرار نسبي. هذا الاستقرار كان أساساً للتطورات المستقبلية التي مهدت الطريق للعصر الحجري الحديث ونشوء الحضارات المبكرة.
5. التوسع الجغرافي في العصر الحجري الأوسط (Mesolithic)
العصر الحجري الأوسط، الذي يمتد تقريباً من نهاية العصر الحجري القديم إلى بداية العصر الحجري الحديث، شهد تغييرات ملحوظة في التوسع الجغرافي للمجتمعات البشرية. هذه الفترة كانت حاسمة في تشكيل أنماط الاستيطان وتطور العلاقات بين المجتمعات.
1. تغير المناخ والبيئة:
- التأثيرات البيئية: التغيرات المناخية بعد نهاية العصر الجليدي الأخير كان لها تأثير كبير على التوسع الجغرافي. مع تحسن المناخ وارتفاع درجات الحرارة، تحولت البيئة من مناطق جليدية إلى غابات وسهول خصبة، مما فتح أمام البشر فرصاً جديدة للاستيطان.
- البيئات الجديدة: مع اختفاء الأنهار الجليدية، ظهرت بيئات جديدة مثل الغابات الكثيفة والمراعي الواسعة، مما جذب المجتمعات إلى مناطق جديدة لتلبية احتياجاتهم من الغذاء والمأوى.
2. الهجرة والتوسع:
- انتقال المجموعات: بدأت المجتمعات البشرية في الهجرة إلى مناطق جديدة بحثاً عن موارد أفضل. على سبيل المثال، انتقل بعض الناس من أوروبا إلى مناطق جديدة مثل شبه الجزيرة الإيبيرية وسواحل البحر الأبيض المتوسط، بينما هاجر آخرون إلى مناطق في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
- التوسع البحري: في بعض المناطق، مثل سواحل البحر الأبيض المتوسط وشمال غرب أوروبا، بدأت المجتمعات في استكشاف واستخدام الموارد البحرية. هذا التوسع البحري مهد الطريق للبحث عن موارد جديدة وتعزيز التبادل الثقافي بين المجتمعات.
3. الاستيطان في بيئات متنوعة:
- التكيف مع البيئات الجديدة: كانت المجتمعات تتكيف مع بيئات جديدة من خلال تطوير تقنيات جديدة للصيد وجمع الطعام، وتطوير أدوات ملائمة للتعامل مع البيئات المتنوعة. في المناطق الجبلية، مثلاً، تطورت تقنيات جديدة للصيد والتقاط الحيوانات.
- تأثير التوسع على الاستقرار: التوسع الجغرافي أثر على نمط الاستقرار الاجتماعي. مع التوسع إلى مناطق جديدة، تم إنشاء مستوطنات جديدة وتم تطوير شبكات تجارية بين المجتمعات المختلفة، مما أدى إلى تغييرات في الهيكل الاجتماعي والاقتصادي.
4. التبادل الثقافي والتأثيرات الإقليمية:
- التفاعل بين المجتمعات: التوسع الجغرافي أدى إلى تزايد التفاعل بين المجتمعات المختلفة. هذا التفاعل ساهم في تبادل الأفكار والتقنيات، مما ساعد في تحسين الأدوات والتقنيات المستخدمة في الصيد والزراعة.
- تأثير الثقافة: التبادل الثقافي نتيجة التوسع الجغرافي أدى إلى دمج عناصر ثقافية جديدة في المجتمعات، مما ساهم في تنوع الأنشطة الاجتماعية والفنية.
5. ظهور نماذج جديدة للتوسع:
- التوسع عبر الجزر: في بعض المناطق الساحلية والجزر، مثل الجزر البريطانية وسواحل البحر الأبيض المتوسط، بدأ التوسع عبر الجزر باستخدام قوارب بدائية، مما ساهم في اكتشاف واستيطان جزر جديدة.
- استيطان الأنهار: بجانب التوسع البحري، كانت الأنهار الكبيرة تشكل طرقاً هامة للتنقل والتوسع. كانت المجتمعات تستقر على ضفاف الأنهار للاستفادة من الموارد المائية، مما ساهم في توسع نطاق الاستيطان.
التوسع الجغرافي في العصر الحجري الأوسط كان مدفوعاً بتغيرات المناخ والبيئة، والهجرة إلى مناطق جديدة، وتطوير تقنيات جديدة للتكيف مع البيئات المتنوعة. هذا التوسع أدى إلى زيادة التفاعل بين المجتمعات وتبادل الثقافات والأفكار، مما ساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والتطور الثقافي. هذا التوسع الجغرافي كان أساساً للتحولات المستقبلية في العصر الحجري الحديث ونشوء الحضارات المبكرة.
الخاتمة
العصر الحجري الأوسط (Mesolithic) يمثل فترة انتقالية حاسمة في تاريخ البشرية، حيث تميزت بالانتقال من أساليب الحياة التي كانت سائدة في العصر الحجري القديم إلى تلك التي أرسى أساسيات العصر الحجري الحديث.
في هذا العصر، شهدت البشرية تغييرات ملحوظة في البيئة والتكنولوجيا، مما أدى إلى تطور أساليب المعيشة والتوسع الجغرافي. مع تراجع الأنهار الجليدية وظهور بيئات جديدة، أصبحت المجتمعات أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات البيئية، مما ساهم في تنوع الأنشطة الاقتصادية وزيادة التفاعل بين المجتمعات المختلفة.
ابتكرت المجتمعات أدوات جديدة وتحسينات في تقنيات الصيد والجمع، مما ساعد على زيادة فعالية استغلال الموارد. بالإضافة إلى ذلك، التوسع الجغرافي إلى مناطق جديدة أتاح الفرصة لتطوير علاقات تجارية وثقافية بين المجتمعات، مما ساهم في تبادل المعرفة والتكنولوجيا.
الأثر الاجتماعي والثقافي للعصر الحجري الأوسط كان عميقًا، حيث شكل الأساس للانتقال إلى العصر الحجري الحديث، الذي شهد تطور الزراعة والاستقرار الاجتماعي. التحديات والابتكارات التي ظهرت في العصر الحجري الأوسط ساعدت في تشكيل الأسس التي قامت عليها الحضارات المستقبلية.
باختصار، يعتبر العصر الحجري الأوسط فترة من التحولات المهمة في تاريخ البشرية، حيث ساهمت التغيرات البيئية والتطورات التقنية والاجتماعية في تعزيز التفاعل بين المجتمعات وتطوير أساليب جديدة للحياة. هذه التحولات كانت ضرورية لتحقيق الانتقال إلى مراحل لاحقة من التاريخ البشري وتطور الحضارات.
إقرا أيضا مقالا تتكميلية
- العصر الحجري الحديث . رابط
- العصر الحجري القديم الأعلى . رابط
- العصر الحجري القديم الأوسط . رابط
- العصر الحجري القديم الأدنى . رابط
- مقال حول العصر الحجري القديم-العصر الباليوثي . رابط
- العصر الحجري فترة فاصلة في تاريخ البشرية . رابط
- حضارات العصر الحجري . رابط
- بحث حول التعميير البشري فترة ماقبل التاريخ-شمال افريقيا . رابط
- عصر ماقبل التاريخ خصائص ومميزات . رابط
- بحث حول الحضارة الألدوانية . رابط
- تاريخ الحضارة الاشولية . رابط
- تاريخ الادوات الحجرية وأنواعها. رابط
- المعادن وتاريخها-عصر المعادن . رابط
- الفنون الجميلة البدائية-الفنون الصخرية . رابط
- الفن الصخري فس شمال إفريقيا ماقبل التارخ . رابط
مراجع
1. "عصور ما قبل التاريخ" - محمود عودة
2. "تاريخ الإنسان والحضارات القديمة" - عبد الرحمن البدوي
3. "موسوعة تاريخية في العصور الحجرية" - د. سعيد العشماوي
4. "الأدوات الحجرية وتطور الإنسان" - د. فؤاد زكريا
5. "الإنسان في العصر الحجري: دراسة في تطور الحضارات" - عبد الحميد زكريا
6. "العصور الحجرية: دراسة تحليلية" - سمر سليم
7. "العصور القديمة: من العصر الحجري إلى العصر الحديدي" - علي عبد الله
8. "تطور الإنسان والأدوات في العصر الحجري الأوسط" - د. محمود عبد الله
9. "حياة الإنسان في العصور الحجرية" - سامية فؤاد
10. "مقدمة في تاريخ البشرية: العصور الحجرية" - أحمد أبو زيد
11. "الإنسان وما قبله: دراسة في العصور الحجرية" - يوسف عبد الله
12. "الأنشطة الاقتصادية في العصور الحجرية" - حسين الجندي
13. "التكنولوجيا والابتكار في العصر الحجري الأوسط" - رانيا محمد
14. "التوسع الجغرافي في العصور الحجرية" - عادل عبد الله
15. "الأثر الاجتماعي للعصور الحجرية" - لطيفة الهاشمي
16. "العصر الحجري الأوسط: دراسة أثرية" - محمد ناصر
تعليقات