القائمة الرئيسية

الصفحات

المدرجات الزراعية في الحضارات القديمة

 المدرجات الزراعية

المدرجات الزراعية في الحضارات القديمة

تعريف المدرجات الزراعية

المدرجات الزراعية هي نظام زراعي قديم يهدف إلى زراعة المحاصيل على الأراضي الجبلية والمنحدرة. يتم إنشاء هذا النظام عن طريق بناء طبقات متتالية من الأرض المستوية على شكل مدرجات، تبدأ من أسفل الجبل وصولًا إلى أعلاه. تُستخدم هذه المدرجات لتنظيم تدفق المياه بشكل متساوٍ على جميع الحقول، مما يحافظ على رطوبة التربة ويمنع انجرافها. 

تُعد المدرجات الزراعية من أقدم التقنيات الزراعية التي استخدمتها الحضارات القديمة في مناطق مختلفة من العالم، مثل حضارة الإنكا في جبال الأنديز، والصين القديمة، حيث ساهمت بشكل كبير في زيادة الإنتاجية الزراعية. بفضل هذا النظام، تمكنت المجتمعات من زراعة محاصيل متنوعة في بيئات جبلية صعبة، مما أدى إلى تحسين الأمن الغذائي واستدامة الزراعة على المدى الطويل.

 أمثلة على استخدام المدرجات الزراعية في الحضارات القديمة:

المدرجات الزراعية، التي تُعرف أيضًا بالزراعة المدرجة، كانت ابتكارًا زراعيًا هامًا في العديد من الحضارات القديمة، خاصة تلك التي عاشت في المناطق الجبلية. هذا النوع من الزراعة يسمح بزراعة الأراضي المنحدرة عن طريق إنشاء مساحات مستوية أو شبه مستوية يمكن زراعتها، مما يمنع انجراف التربة ويحسن احتباس المياه. 

1. المدرجات الزراعية في  حضارة الإنكا:

حضارة الإنكا، التي ازدهرت في منطقة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية من القرن الثاني عشر إلى القرن السادس عشر، تُعتبر من أكثر الحضارات تقدماً في مجال الزراعة المدرجة. كان نظام المدرجات الزراعية في حضارة الإنكا ليس فقط وسيلة لزيادة الإنتاج الزراعي، ولكن أيضًا أداة أساسية لاستدامة بيئتهم الجبلية القاسية.

 أسباب وأهمية استخدام المدرجات الزراعية:

- التكيف مع التضاريس الجبلية: جبال الأنديز تتميز بتضاريسها الوعرة والمنحدرات الشديدة، مما يجعل الزراعة التقليدية غير ممكنة. لحل هذه المشكلة، قام الإنكا ببناء مدرجات على سفوح الجبال، محولين التضاريس الوعرة إلى مساحات زراعية مستوية.

- إدارة المياه: المدرجات الزراعية لعبت دوراً حيوياً في إدارة موارد المياه. عن طريق بناء قنوات ونظام ري متقن، تمكن الإنكا من توجيه مياه الأمطار وذوبان الثلوج إلى مدرجاتهم، مما زود المحاصيل بكمية كافية من الماء. هذا النظام ساعد في تحسين إنتاجية الأرض ومنع الفيضانات التي قد تدمر المحاصيل.

- منع انجراف التربة: الأراضي الجبلية معرضة بشدة لانجراف التربة بسبب الأمطار الغزيرة. المدرجات عملت كحواجز طبيعية، مثبتة التربة في مكانها ومنعها من الانجراف. هذا كان ضروريًا للحفاظ على التربة الخصبة وضمان زراعة مستدامة.

 تصميم المدرجات:

- الهيكل المعماري: المدرجات الزراعية لدى الإنكا كانت تُبنى بعناية فائقة، حيث تتكون كل مدرجة من ثلاثة أجزاء رئيسية: الجدار الأمامي (الذي يمنع التربة من الانهيار)، طبقة من الصخور للحفاظ على استقرار الهيكل، وطبقة من التربة الخصبة حيث تُزرع المحاصيل.

- التنوع في الزراعة: نظراً لوجود اختلافات في درجات الحرارة والارتفاعات، زرع الإنكا أنواعًا مختلفة من المحاصيل على مستويات مختلفة من المدرجات. في المناطق المرتفعة، كانت تزرع محاصيل مثل البطاطس والكيناوا، بينما في المدرجات السفلى، زرعت الذرة والفاصولياء.

 ماتشو بيتشو كمثال:

- ماتشو بيتشو، واحدة من أشهر مواقع حضارة الإنكا، تُعد مثالاً بارزًا على استخدام المدرجات الزراعية. المدرجات في ماتشو بيتشو لم تكن فقط لإنتاج الغذاء، بل كانت أيضًا جزءًا من نظام متكامل لإدارة المياه ومكافحة التعرية.

 الأثر الاقتصادي والاجتماعي:

- الاستدامة الغذائية: ساهمت المدرجات الزراعية في تحقيق الأمن الغذائي لحضارة الإنكا، مما سمح لهم بدعم سكانهم المتزايدين وتخزين فائض الإنتاج لمواجهة سنوات الجفاف.

- الدور الاجتماعي: الزراعة المدرجة كانت نشاطًا جماعيًا، حيث كانت المجتمعات تعمل معًا في بناء وصيانة هذه المدرجات. هذا العمل الجماعي عزز الروابط الاجتماعية بين أفراد حضارة الإنكا.

تأثير:

- حتى بعد انهيار حضارة الإنكا، ما زالت المدرجات الزراعية تُستخدم في العديد من المناطق في جبال الأنديز حتى اليوم، مما يدل على متانة وفعالية هذا الابتكار الزراعي القديم. 

المدرجات الزراعية في حضارة الإنكا تعتبر شاهدًا حيًا على قدرة الإنسان على التكيف مع بيئته وتحويل التحديات الطبيعية إلى فرص للإبداع والابتكار.

2. المدرجات الزراعية في  الصين القديمة:

المدرجات الزراعية في الصين القديمة، والتي تعود إلى أكثر من 2000 عام، تعتبر من أقدم وأشهر أنظمة الزراعة المدرجة في العالم. هذه المدرجات، المعروفة أيضًا باسم "مدرجات الأرز"، أصبحت رمزًا للابتكار الزراعي الصيني في مواجهة التحديات البيئية، خاصة في المناطق الجبلية.

 أسباب وأهمية استخدام المدرجات الزراعية:

- التضاريس الجبلية: تميزت العديد من مناطق الصين القديمة بتضاريس جبلية، خاصة في جنوب الصين. هذه التضاريس شكلت تحديًا كبيرًا للزراعة التقليدية، حيث كانت الأراضي المستوية قليلة. استخدم الصينيون المدرجات الزراعية لتحويل المنحدرات الشديدة إلى مساحات صالحة للزراعة، مما زاد من كمية الأراضي القابلة للزراعة بشكل كبير.

- إدارة المياه: في المناطق التي تعتمد على الري، مثل زراعة الأرز، كانت المدرجات الزراعية حلاً ممتازًا لإدارة المياه. حيث عملت هذه المدرجات على تنظيم تدفق المياه عبر المنحدرات، مما سمح بتوزيعها بشكل متساوٍ على الحقول وضمان رطوبة التربة المناسبة لنمو المحاصيل.

- الحفاظ على التربة: من خلال بناء المدرجات، منع الصينيون انجراف التربة، وهو ما كان مشكلة شائعة في الأراضي الجبلية. ساعدت المدرجات في الحفاظ على التربة الخصبة وجعلت الزراعة أكثر استدامة على المدى الطويل.

 تصميم المدرجات:

- بنية المدرجات: تم بناء المدرجات الزراعية في الصين القديمة بأسلوب معقد ودقيق. كانت المدرجات تُبنى في طبقات متتالية من أسفل الجبل إلى أعلاه، بحيث يتدفق الماء من قمة الجبل مرورًا بكل مدرجة حتى يصل إلى السفلى. هذه الطبقات كانت تحتوي على نظام تصريف داخلي يساعد في منع تراكم المياه الزائدة.

- الأدوات والمواد: استخدمت الحضارات الصينية القديمة الأحجار والطين لبناء جدران المدرجات، بينما تم استخدام تربة عالية الجودة لزراعة المحاصيل. كان تصميم المدرجات يختلف باختلاف المناطق الجغرافية والمحاصيل المزروعة.

 المدرجات الزراعية في منطقة هونغهي هاني:

- منطقة هونغهي هاني في مقاطعة يونان تُعد من أبرز الأمثلة على المدرجات الزراعية في الصين. هذه المدرجات، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 1300 عام، تُستخدم بشكل رئيسي لزراعة الأرز. النظام المائي المرتبط بهذه المدرجات يعتبر إنجازًا هندسيًا بحد ذاته، حيث يتضمن تحويل مياه الأمطار والينابيع الجبلية إلى قنوات ري تغذي المدرجات.

 الأثر الاقتصادي والاجتماعي:

- الأمن الغذائي: ساهمت المدرجات الزراعية في توفير قاعدة غذائية مستقرة للمجتمعات الصينية القديمة. الأرز، وهو الغذاء الرئيسي في الصين، كان يتم زراعته بكميات كبيرة بفضل هذه المدرجات، مما ساهم في ازدهار المجتمعات الريفية وزيادة عدد السكان.

- الثقافة والمجتمع: كانت الزراعة المدرجة جزءًا من التقاليد الثقافية للمجتمعات الصينية. بالإضافة إلى دورها الاقتصادي، لعبت المدرجات دورًا في تنظيم الحياة الاجتماعية، حيث كانت عملية بناء وصيانة المدرجات تتم بشكل جماعي.

تأثير

- استمرار الاستخدام: المدرجات الزراعية التي أُنشئت في الصين القديمة لا تزال تُستخدم حتى اليوم، مع القليل من التعديلات التي أدخلتها الأجيال المتعاقبة. هذه المدرجات أصبحت جزءًا من التراث الثقافي الصيني، وهي تُظهر قدرة البشر على التكيف مع بيئاتهم باستخدام تقنيات مبتكرة.

- الاعتراف العالمي: في عام 2013، تم إدراج المدرجات الزراعية في منطقة هونغهي هاني على قائمة التراث العالمي لليونسكو، تقديرًا لأهميتها الثقافية والزراعية.

المدرجات الزراعية في الصين القديمة ليست فقط إنجازًا زراعيًا، بل هي أيضًا تجسيد للعلاقة الوثيقة بين الإنسان والبيئة. هذه الأنظمة الزراعية المتقنة تُظهر كيف تمكنت الحضارات القديمة من مواجهة التحديات البيئية بطرق مستدامة وفعالة، مما ساهم في استمرار ثقافاتها عبر العصور.

3. المدرجات الزراعية في  اليونان القديمة:

في اليونان القديمة، كانت المدرجات الزراعية تُعتبر حلاً ضروريًا للتغلب على تحديات التضاريس الجبلية والطبيعة القاسية للأراضي. كانت معظم المناطق الزراعية في اليونان تتألف من تلال وجبال، مما جعل الزراعة التقليدية أمرًا صعبًا. لذلك، لجأ اليونانيون إلى بناء المدرجات لتوفير مساحات صالحة للزراعة وضمان الاستفادة القصوى من الأمطار المتقطعة.

 أسباب وأهمية استخدام المدرجات الزراعية:

- تضاريس صعبة: شكلت الجبال والمرتفعات جزءًا كبيرًا من اليونان، مما قلل من الأراضي المسطحة القابلة للزراعة. لذا كانت المدرجات وسيلة لتحويل المنحدرات إلى حقول زراعية قابلة للاستخدام.

- إدارة المياه: نظراً لقلة الأمطار وعدم انتظامها، كانت المدرجات تساعد في حفظ مياه الأمطار ومنعها من الانجراف، مما يضمن بقاء التربة رطبة لفترات أطول.

- الحفاظ على التربة: ساهمت المدرجات في منع تآكل التربة، وهو أمر كان ضروريًا للحفاظ على خصوبة الأرض في المناطق الجبلية.

 الزراعة والمحاصيل:

- الزراعة المتنوعة: على هذه المدرجات، كان اليونانيون يزرعون مجموعة متنوعة من المحاصيل، مثل الزيتون والعنب والتين، التي كانت مناسبة تمامًا للبيئة الجافة والمناخ المتوسطي.

- التأثير الاجتماعي: ساعدت هذه التقنية الزراعية في دعم المجتمعات المحلية، حيث أمنت الغذاء والمواد الأساسية، مما ساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات اليونانية القديمة.

 إرث المدرجات الزراعية:

ما زالت بعض المدرجات الزراعية القديمة موجودة في اليونان حتى اليوم، ويعكس وجودها ابتكار الحضارات القديمة في التكيف مع بيئاتها القاسية، كما تسلط الضوء على أهمية هذه المدرجات في الحفاظ على الاستدامة الزراعية.

4. المدرجات الزراعية في حوض البحر الأبيض المتوسط:

المدرجات الزراعية في حوض البحر الأبيض المتوسط تُعد من أهم الابتكارات الزراعية التي طورتها المجتمعات القديمة لمواجهة التحديات البيئية المتمثلة في التضاريس الوعرة والمناخ الجاف. انتشرت هذه المدرجات في العديد من المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط، مثل إيطاليا، إسبانيا، المغرب، ولبنان، حيث كانت تلعب دورًا حاسمًا في دعم الزراعة واستدامتها.

 أسباب وأهمية استخدام المدرجات الزراعية:

- التضاريس الجبلية والمنحدرة: تتميز معظم مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط بتضاريس جبلية ومنحدرة، مما يجعل الزراعة التقليدية أمرًا صعبًا. استخدمت المجتمعات المحلية المدرجات الزراعية لتحويل هذه المنحدرات إلى مساحات زراعية قابلة للاستخدام.

- إدارة الموارد المائية: نظراً لقلة المياه في هذه المناطق، كانت المدرجات وسيلة فعالة للحفاظ على مياه الأمطار والينابيع واستخدامها بشكل مستدام في الزراعة.

- الحفاظ على التربة: ساعدت المدرجات في منع تآكل التربة، وهو ما كان حيوياً للحفاظ على خصوبة الأراضي الزراعية على مدى قرون.

 الزراعة والمحاصيل:

- المحاصيل المتنوعة: كانت المدرجات الزراعية تستخدم بشكل رئيسي لزراعة أشجار الزيتون والكروم والتين، بالإضافة إلى بعض المحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير. هذه المحاصيل كانت تشكل جزءاً أساسياً من النظام الغذائي لمجتمعات البحر الأبيض المتوسط.

- الدور الاقتصادي: ساعدت المدرجات الزراعية في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية وضمان استدامة الموارد الزراعية، مما مكن هذه المجتمعات من التوسع التجاري مع المناطق المجاورة.

 التأثير الثقافي والاجتماعي:

- التراث الزراعي: أصبحت المدرجات الزراعية جزءاً من التراث الثقافي للمناطق المتوسطية، حيث أنها لم تكن مجرد تقنية زراعية، بل أيضًا جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمعات التي بنتها.

- الحفاظ على البيئة: ساعدت هذه المدرجات في الحفاظ على التنوع البيئي من خلال توفير بيئات مناسبة لزراعة أنواع مختلفة من النباتات في بيئات صعبة.

 إرث المدرجات الزراعية:

حتى اليوم، تُستخدم المدرجات الزراعية في العديد من مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تُعتبر رمزًا للإبداع البشري في التعامل مع التحديات البيئية. تمثل هذه المدرجات نظامًا زراعيًا مستدامًا أثبت فعاليته على مر العصور، ولا تزال تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الاقتصاد الريفي و الثقافة الزراعية في هذه المنطقة.

5. المدرجات الزراعية في  حضارة المايا :

حضارة المايا، التي ازدهرت في مناطق ما يُعرف الآن بجنوب المكسيك وغواتيمالا وبليز وأجزاء من هندوراس والسلفادور، طورت أنظمة زراعية معقدة للتغلب على التحديات البيئية التي واجهتها. من بين هذه الأنظمة كانت المدرجات الزراعية، التي كانت تستخدم لتحسين الإنتاج الزراعي في المناطق الجبلية والمرتفعات التي كانت تسكنها مجتمعات المايا.

 أسباب وأهمية استخدام المدرجات الزراعية:

- التضاريس الوعرة: عاشت العديد من مجتمعات المايا في مناطق جبلية مرتفعة، حيث كانت الأراضي المسطحة نادرة، مما جعل المدرجات الزراعية حلاً مثاليًا لتحويل المنحدرات إلى أراضٍ صالحة للزراعة.

- إدارة المياه: في مناطق المرتفعات حيث يمكن أن تكون الأمطار غير منتظمة، ساعدت المدرجات الزراعية في تنظيم تدفق المياه وحفظها في التربة، مما زاد من إنتاجية المحاصيل.

- زيادة الإنتاجية: من خلال بناء المدرجات، تمكن المايا من زراعة مساحات أكبر من الأراضي وتكثيف الإنتاج الزراعي، مما دعم تزايد عدد السكان وازدهار المدن.

 الزراعة والمحاصيل:

- الذرة والكاكاو: كانت الذرة (المايز) المحصول الأساسي لحضارة المايا، وكان يُزرع بشكل كبير على هذه المدرجات. إلى جانب الذرة، كانت الكاكاو، والقطن، والفاصولياء تُزرع أيضًا على هذه الأراضي.

- التنوع البيولوجي: ساعدت المدرجات الزراعية في تنوع المحاصيل التي كانت تُزرع في المناطق المرتفعة، مما ساعد في توفير الغذاء لمجتمعات المايا المتنامية وضمان الأمن الغذائي.

 التأثير الاجتماعي والثقافي:

- الدور الاجتماعي: كانت الزراعة على المدرجات جزءًا من حياة المايا اليومية، وأثرت بشكل كبير على البنية الاجتماعية للمجتمعات، حيث كانت الأعمال الزراعية تُنفذ بشكل جماعي.

- التراث الثقافي: لا تزال بعض المدرجات الزراعية التي أنشأها المايا مرئية حتى اليوم، وتعتبر جزءًا من التراث الثقافي لشعوب المايا المعاصرة.

 إرث المدرجات الزراعية:

ظلت المدرجات الزراعية في حضارة المايا أحد الأمثلة الرائعة على القدرة البشرية في التكيف مع البيئة واستخدام التكنولوجيا الزراعية لتلبية احتياجات المجتمع. على الرغم من مرور قرون على انهيار حضارة المايا، فإن هذه المدرجات لا تزال تُستخدم في بعض المناطق، مما يُبرز الإرث الطويل الأمد لابتكارات المايا في الزراعة.

 المدرجات الزراعية في أهمية المدرجات الزراعية

المدرجات الزراعية تُعتبر من أهم الابتكارات الهندسية الزراعية التي طورتها الحضارات عبر التاريخ لمواجهة التحديات البيئية، مثل التضاريس الجبلية، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزيز الإنتاجية الزراعية. وقد أسهمت المدرجات الزراعية بشكل كبير في تحقيق الاستدامة الزراعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات التي طورتها.

 1. الحفاظ على التربة:

- منع التآكل: تُعد المدرجات الزراعية فعالة في منع تآكل التربة، خاصة في المناطق ذات الانحدارات الشديدة، حيث تساعد في تثبيت التربة وتقليل فقدان المواد الغذائية.

- تعزيز خصوبة التربة: من خلال منع التآكل وتحسين قدرة التربة على الاحتفاظ بالرطوبة، تساهم المدرجات في الحفاظ على خصوبة التربة على المدى الطويل.

 2. إدارة الموارد المائية:

- حفظ المياه: تُساعد المدرجات في جمع وتخزين مياه الأمطار، مما يُتيح استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة في الزراعة. هذا الأمر كان حاسمًا في المناطق ذات المناخ الجاف أو غير المستقر.

- تحسين توزيع المياه: من خلال تصميم المدرجات بحيث تُسهل توزيع المياه بالتساوي عبر المساحات الزراعية، يتم تحسين نمو المحاصيل وزيادة الإنتاجية.

 3. زيادة الإنتاجية الزراعية:

- توسيع المساحات الزراعية: من خلال إنشاء المدرجات على المنحدرات الجبلية، يمكن تحويل الأراضي غير القابلة للزراعة إلى مساحات منتجة، مما يزيد من قدرة المجتمع على تلبية احتياجاته الغذائية.

- تنوع المحاصيل: تساعد المدرجات الزراعية في تنويع المحاصيل المزروعة، حيث يمكن زراعة أنواع مختلفة من المحاصيل في نفس المنطقة، مما يعزز الأمن الغذائي ويقلل من المخاطر الزراعية.

 4. التكيف مع الظروف البيئية الصعبة:

- التكيف مع التضاريس: في المناطق الجبلية، توفر المدرجات وسيلة للتكيف مع التضاريس الصعبة، مما يُمكّن المجتمعات من الاستقرار والزراعة في بيئات كانت تعتبر غير صالحة للعيش.

- مواجهة تغير المناخ: بفضل قدرتها على حفظ المياه والتربة، تُعد المدرجات الزراعية أداة فعالة في مواجهة التغيرات المناخية والتكيف مع تقلبات الطقس.

 5. التأثير الاجتماعي والثقافي:

- حماية التراث الثقافي: المدرجات الزراعية تُعتبر جزءًا من التراث الثقافي للعديد من الحضارات القديمة، مثل حضارة الإنكا وحضارة المايا، حيث أنها لم تكن مجرد تقنية زراعية بل أيضًا رمزًا لهوية المجتمعات.

- تعزيز التعاون المجتمعي: إنشاء وصيانة المدرجات الزراعية يتطلب جهودًا جماعية، مما يعزز الروابط الاجتماعية والتعاون بين أفراد المجتمع.

تمثل المدرجات الزراعية ابتكارًا زراعيًا ذا قيمة تاريخية كبيرة، حيث أسهمت في تعزيز الاستدامة الزراعية والاقتصادية للمجتمعات القديمة. كما أنها تُظهر القدرة البشرية على التكيف مع البيئات الصعبة واستخدام التكنولوجيا بطريقة تدعم العيش المستدام.

خاتمة   

المدرجات الزراعية تُعد من أعظم الابتكارات الزراعية التي طورتها الحضارات القديمة لمواجهة تحديات الزراعة في التضاريس الصعبة. هذه الأنظمة الزراعية، التي امتدت عبر مختلف الثقافات والحضارات من حضارة الإنكا في جبال الأنديز إلى الحضارات القديمة في الصين وحوض البحر الأبيض المتوسط، أثبتت فعاليتها في تحسين إنتاجية المحاصيل، والحفاظ على التربة، وإدارة الموارد المائية. لقد مكنت المدرجات الزراعية المجتمعات من تحقيق الاكتفاء الذاتي، والاستدامة الزراعية، وتعزيز الأمن الغذائي على مدى قرون. رغم مرور الزمن، لا تزال بعض هذه المدرجات قيد الاستخدام اليوم، مما يبرز إرثها الدائم وأهميتها الثقافية. تمثل المدرجات الزراعية رمزًا لتكيف الإنسان مع البيئة، وقدرته على ابتكار حلول تضمن بقاء المجتمعات وتنميتها في مواجهة الظروف البيئية الصعبة.

مراجع   

1. الزراعة في الحضارات القديمة - تأليف: عبد الله يوسف

2. الحضارات القديمة والزراعة - تأليف: أحمد كمال

3. التقنيات الزراعية في العصور القديمة - تأليف: محمود عفيفي

4. الإنكا وابتكاراتهم الزراعية - تأليف: عبد الرحمن الديب

5. الأراضي الزراعية في الصين القديمة - تأليف: ليانغ يو

6. الفلاحة في حوض البحر الأبيض المتوسط - تأليف: عبد الهادي حنفي

7. تاريخ الزراعة القديمة - تأليف: يوسف فوزي

8. التطور الزراعي في حضارة المايا - تأليف: جمال محمود

9. التكنولوجيا الزراعية عند الحضارات القديمة - تأليف: عادل مراد

10. الزراعة في الشرق الأدنى القديم - تأليف: علي إبراهيم

11. أساليب الري والزراعة في الحضارات القديمة - تأليف: إبراهيم خليل

12. التأثيرات الزراعية لحضارة الإنكا - تأليف: أحمد سعد

13. التقنيات الزراعية في اليونان القديمة - تأليف: مصطفى شفيق

14. التحديات الزراعية في الحضارات القديمة - تأليف: علي حسن

15. المدرجات الزراعية في حضارة الإنكا - تأليف: محمد حسان

16. الزراعة في العصور القديمة - تأليف: محمود حسن

17. مدرجات الصين الزراعية القديمة - تأليف: شريف سعيد

18. الابتكارات الزراعية في الحضارات القديمة - تأليف: نبيل عباس


تعليقات

محتوى المقال