القائمة الرئيسية

الصفحات

ترميم و صيانة التحف الأثرية في علم الآثار-الصيانة وترميم وحفظ مكتشفات الاثرية

ترميم و صيانة التحف الأثرية في علم الآثار

صيانة التحف الأثرية في علم الآثار

تعريف التحف الأثرية في علم الاثار

  • التحف الأثرية، في علم الآثار، تُعرف بأنها القطع المادية التي خلفتها الحضارات البشرية السابقة، والتي تحمل في طياتها دلائل هامة عن الحياة اليومية، المعتقدات، الأنشطة الاقتصادية، والبنية الاجتماعية لتلك الحضارات. تشمل هذه التحف مجموعة متنوعة من الأشياء، مثل الأدوات، الأسلحة، الأواني، المجوهرات، اللوحات الفنية، التماثيل، و النقوش. يمكن أن تكون التحف الأثرية مصنوعة من مواد مختلفة، بما في ذلك الحجر، الطين، المعدن، الخشب، و العظام.

  • علماء الآثار يعتمدون على التحف الأثرية لفهم التاريخ البشري، حيث تُعتبر هذه القطع دليلاً مادياً يمكن من خلاله إعادة بناء الأحداث والأنشطة التي جرت في الماضي. على سبيل المثال، دراسة الأدوات الحجرية تساعد في فهم تطور التكنولوجيا والقدرات الإنسانية عبر العصور، بينما يمكن للأواني الفخارية أن تكشف عن الأنماط الاقتصادية والتجارية لمجتمعات معينة.

  • من المهم أيضاً أن نفهم أن التحف الأثرية لا تُقدَّر فقط بقيمتها الجمالية

أهمية صيانة التحف الأثرية في علم الاثار

تُعتبر صيانة التحف الأثرية أمرًا حيويًا في علم الآثار، حيث تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للبشرية. تلعب الصيانة دورًا مهمًا في حماية هذه القطع الثمينة من التدهور والتلف، مما يضمن استمرارها للأجيال القادمة. هناك عدة أسباب تبرز أهمية صيانة التحف الأثرية في علم الآثار:

 1. الحفاظ على التراث الثقافي:

التحف الأثرية تحمل في طياتها قصصًا وحكايات عن الحضارات السابقة. صيانتها تضمن بقاء هذه القصص حية وتُتيح للباحثين والمهتمين الاطلاع عليها وفهمها. بدون الصيانة المناسبة، قد تتعرض هذه القطع للتلف أو الضياع، مما يعني فقدان جزء مهم من التراث الإنساني.

 2. الحماية من العوامل البيئية:

العوامل البيئية مثل الرطوبة، الحرارة، التلوث، والضوء يمكن أن تؤدي إلى تدهور التحف الأثرية بمرور الوقت. الصيانة الجيدة تشمل اتخاذ التدابير اللازمة لحماية القطع الأثرية من هذه العوامل، مثل التحكم في درجات الحرارة والرطوبة في أماكن التخزين والعرض، واستخدام مواد تغليف مناسبة.

 3. استدامة البحث العلمي:

التحف الأثرية هي مصادر قيمة للمعلومات عن الحضارات القديمة. من خلال صيانتها، يمكن للعلماء والباحثين الاستمرار في دراستها وتحليلها لفترات طويلة، مما يساهم في تقدم المعرفة العلمية وزيادة فهمنا للتاريخ البشري. التحف التالفة أو المفقودة تعني فقدان معلومات لا تقدر بثمن.

 4. الأخلاقيات والمسؤولية الثقافية:

هناك مسؤولية أخلاقية وثقافية للحفاظ على التحف الأثرية، باعتبارها تراثًا إنسانيًا مشتركًا. صيانتها تُظهر احترامًا للأجيال السابقة التي أنتجت هذه القطع، وتضمن أن تكون متاحة للأجيال المستقبلية للاستمتاع والتعلم منها.

 5. التعليم والتوعية:

التحف الأثرية تُستخدم في المتاحف والمؤسسات التعليمية لتعزيز التوعية الثقافية والتعليم. من خلال صيانتها، يتمكن الزوار والطلاب من مشاهدة وفهم التاريخ بطريقة ملموسة، مما يعزز التقدير للتراث الثقافي والتاريخي.

 6. القيمة السياحية والاقتصادية:

التحف الأثرية لها قيمة سياحية كبيرة، حيث تجذب السياح والمهتمين من جميع أنحاء العالم. صيانتها تساهم في تعزيز السياحة الثقافية، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل في مجالات متعددة.

باختصار، صيانة التحف الأثرية في علم الآثار ليست مجرد عملية فنية، بل هي جزء أساسي من الحفاظ على الهوية الثقافية و  التاريخية للبشرية، وضمان استدامة المعرفة والتعلم للأجيال القادمة.

تاريخ صيانة التحف الأثرية في علم الاثار

تاريخ صيانة التحف الأثرية في علم الآثار يعود إلى فترات زمنية قديمة، إلا أن مفهوم الصيانة كما نعرفه اليوم قد تطور تدريجيًا عبر القرون. يمكن تقسيم تطور صيانة التحف الأثرية إلى عدة مراحل رئيسية:

 العصور القديمة:

- العصور الكلاسيكية (اليونانية و الرومانية): لم تكن هناك تقنيات محددة لصيانة التحف الأثرية، لكن كانت هناك بعض المحاولات للحفاظ على المباني والمعالم. الكهنة والرهبان في بعض الأحيان كانوا يقومون بترميم المعابد والأضرحة.

 العصور الوسطى:

- العصور الوسطى (500-1500 م): شهدت اهتمامًا محدودًا بصيانة التحف، حيث كانت الأولوية للحفاظ على النصوص الدينية والكتب المخطوطة. مع ذلك، كانت هناك بعض الجهود للحفاظ على الكنائس والأديرة.

 عصر النهضة:

- عصر النهضة (القرن 14-17): بدأ الاهتمام بالتراث الثقافي ينمو بشكل أكبر. شهدت هذه الفترة إعادة اكتشاف العديد من الآثار الرومانية والإغريقية، مما أدى إلى بداية وعي جديد بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي.

 القرنين الثامن عشر والتاسع عشر:

- القرن الثامن عشر (عصر التنوير): شهد بداية علم الآثار كعلم متميز. بدأت الحكومات والأفراد في جمع التحف الأثرية، مما زاد من الحاجة إلى صيانتها. على سبيل المثال، بدأت المتاحف مثل المتحف البريطاني في لندن (تأسس عام 1753) في اتخاذ خطوات للحفاظ على مجموعاتها.

- القرن التاسع عشر:

 شهد تقدمًا كبيرًا في تقنيات الصيانة، مع زيادة الاهتمام الأكاديمي بعلم الآثار. تم تطوير أساليب وتقنيات جديدة للحفاظ على التحف، وبدأت الحكومات في إصدار قوانين لحماية المواقع الأثرية. عمليات التنقيب الكبرى، مثل تلك التي قام بها هاينريش شليمان في طروادة، أدت إلى اكتشافات هائلة وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الآثار.

 القرن العشرون:

شهد تطورًا كبيرًا في مجال صيانة التحف الأثرية. تم تأسيس العديد من المنظمات الدولية، مثل اليونسكو (تأسست عام 1945) والمجلس الدولي للمتاحف (ICOM، تأسس عام 1946)، التي عملت على وضع معايير وسياسات لحماية التراث الثقافي. تم تطوير تقنيات جديدة مثل التحليل الكيميائي والبيولوجي للتحف، واستخدام الأشعة السينية وتقنيات التصوير الأخرى لفحص القطع دون إتلافها.

 القرن الواحد والعشرون:

 يتميز باستخدام التكنولوجيا المتقدمة في صيانة التحف الأثرية. تقنيات مثل الليزر، التصوير ثلاثي الأبعاد، وتحليل النظائر المستقرة تُستخدم لفهم وتقييم حالة التحف بدقة أكبر. ظهرت مفاهيم جديدة مثل الصيانة الوقائية، التي تركز على منع التلف قبل حدوثه.

تاريخ صيانة التحف الأثرية يعكس تطور الوعي الثقافي والتقني عبر العصور. من المحاولات البسيطة للحفاظ على المعابد القديمة إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة في العصر الحديث، يُظهر هذا التاريخ أهمية التحف الأثرية كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للبشرية. اليوم، تتطلب صيانة التحف الأثرية تعاونًا دوليًا وجهودًا متعددة التخصصات لضمان الحفاظ على هذا التراث الثمين للأجيال القادمة.

أنواع التحف الأثرية في علم الآثار

تتنوع التحف الأثرية بشكل كبير وتعكس مختلف جوانب حياة المجتمعات القديمة. إليك أبرز الأنواع:

 1. التحف المعمارية:

تشمل المباني والمواقع الأثرية، مثل المعابد، القلاع، والمدن القديمة. تعكس هذه التحف التطور المعماري والهندسي للحضارات، مثل الأكروبوليس في أثينا والأهرامات في مصر.

 2. التحف النحتية:

تشمل التماثيل والمنحوتات التي تمثل أشخاصًا، آلهة، أو مشاهد من الحياة اليومية. تُظهر هذه القطع المهارات الفنية للثقافات القديمة، مثل تماثيل أفروديت أو تماثيل الفراعنة.

 3. التحف الزخرفية:

تشمل الأواني، الأطباق، والمجوهرات المزخرفة، التي تعكس الجماليات والرموز الثقافية. تتنوع المواد المستخدمة في صنعها، مثل الفخار، المعدن، والعاج.

 4. التحف الكتابية:

تشمل النقوش، الكتابات، والكتل الحجرية التي تحمل نصوصًا تاريخية أو دينية. تُعتبر هذه التحف مصادر هامة لفهم تاريخ الأمم، مثل الكتابة المسمارية في الالواح الطينية في بلاد الرافدين.

 5. التحف المعدنية:

تشمل الأدوات والأسلحة والمجوهرات المصنوعة من المعادن، مثل الحديد، البرونز، والذهب. تعكس التقدم التكنولوجي واستخدام الموارد الطبيعية.

 6. التحف النسيجية:

تشمل الأقمشة والأزياء القديمة، التي تحمل قيمة ثقافية وتاريخية كبيرة. تساعد هذه القطع في فهم تقنيات النسيج والموضة في العصور الماضية.

 7. التحف الزراعية:

تشمل الأدوات الزراعية مثل الفؤوس والمجارف التي كانت تستخدم في الزراعة. تعكس هذه الأدوات تطور النشاط الزراعي وأهمية الزراعة في المجتمعات القديمة.

 8. التحف الطقوسية:

تشمل الأدوات والقطع المستخدمة في الطقوس والاحتفالات، مثل الأواني المقدسة أو التماثيل الدينية، والتي تعكس المعتقدات الروحية والثقافية للشعوب.

 9. التحف اليومية:

تشمل الأدوات المنزلية والمعدات المستخدمة في الحياة اليومية، مثل الأواني، الأطباق، والأدوات الشخصية، مما يساهم في فهم نمط الحياة اليومي.

تسهم هذه الأنواع من التحف الأثرية في بناء صورة شاملة عن تاريخ الإنسان وتطوره عبر العصور، مما يجعل دراستها أمرًا ضروريًا لفهم الحضارات السابقة.

أسباب تدهور التحف الأثرية

تتعرض التحف الأثرية لعدة عوامل تؤدي إلى تدهورها وتلفها، مما يشكل تهديدًا لتراث البشرية. من أبرز هذه الأسباب:

 1. العوامل البيئية:

- الرطوبة: مستويات الرطوبة العالية تؤدي إلى نمو الفطريات والعفن، مما يسبب تلف المواد العضوية.

- الحرارة: التقلبات في درجات الحرارة يمكن أن تؤدي إلى تشقق المواد وتدهور التحف.

- الضوء: التعرض المفرط لأشعة الشمس أو الإضاءة الصناعية يمكن أن يؤدي إلى تلاشي الألوان وتدهور المواد.

 2. العوامل البيولوجية:

- الفطريات: يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة للمواد العضوية، مثل الخشب والجلد.

- الحشرات: بعض الحشرات مثل الخنافس والنمل يمكن أن تهاجم التحف، مما يؤدي إلى تآكلها.

 3. العوامل البشرية:

- التخريب: السرقات والتخريب العمدي قد يؤديان إلى فقدان أو تدمير التحف الأثرية.

- الإهمال: عدم العناية الكافية بالقطع الأثرية يؤدي إلى تدهورها مع مرور الوقت.

- التلوث: التلوث الهوائي والمائي يمكن أن يتسبب في تلف التحف بطرق مختلفة، مثل تآكل المعادن.

 4. العوامل الكيميائية:

- تفاعلات كيميائية: قد تحدث تفاعلات بين المواد المختلفة المستخدمة في صناعة التحف، مما يؤدي إلى تدهورها. على سبيل المثال، تفاعل المعادن مع الرطوبة يمكن أن يؤدي إلى الصدأ.

 5. الممارسات غير الصحيحة في التخزين:

- سوء التخزين: تخزين التحف في بيئات غير مناسبة (مثل درجات حرارة مرتفعة أو رطوبة عالية) يمكن أن يسهم في تدهورها.

- استخدام مواد غير مناسبة: استخدام مواد تغليف أو تنظيف غير مناسبة يمكن أن يؤدي إلى تدهور القطع.

 6. الصيانة غير الكافية:

- قلة الصيانة: عدم القيام بعمليات الصيانة اللازمة بانتظام يمكن أن يؤدي إلى تفاقم حالة التحف، مما يجعلها أكثر عرضة للتلف.

تعتبر حماية التحف الأثرية من هذه العوامل أمرًا بالغ الأهمية لضمان بقاء التراث الثقافي والتاريخي للأجيال القادمة. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة من الأفراد والمؤسسات المعنية لضمان صيانة فعالة لهذه القطع القيمة.

أسس ومبادئ صيانة التحف الأثرية

صيانة التحف الأثرية تعتبر عملية حساسة تتطلب اتباع أسس ومبادئ محددة لضمان الحفاظ على القطع الأثرية بطريقة فعالة وآمنة. إليك أهم الأسس والمبادئ:

1. المبادئ العامة لصيانة التحف

تتضمن صيانة التحف الأثرية مجموعة من المبادئ العامة التي تساهم في الحفاظ على هذه القطع القيمة وضمان استدامتها. إليك أهم هذه المبادئ:

 1. الحفاظ على الأثر في حالته الأصلية:

يجب الحفاظ على التحف الأثرية قدر الإمكان في حالتها الأصلية دون إجراء تغييرات جذرية أو تعديلات تؤثر على خصائصها الأصلية.

 2. الصيانة الوقائية:

تتضمن اتخاذ تدابير استباقية لمنع التلف، مثل التحكم في الظروف البيئية (الرطوبة، الحرارة، والإضاءة) والتقليل من التعرض للعوامل الضارة.

 3. احترام المواد الأصلية:

يجب استخدام مواد وتقنيات تتوافق مع المواد الأصلية للقطع الأثرية خلال عمليات الترميم والصيانة، لتجنب أي تأثير سلبي على التحف.

 4. التوثيق الدقيق:

يجب توثيق جميع الإجراءات المتخذة في عمليات الصيانة والترميم بشكل مفصل، بما في ذلك التغييرات، والمواد المستخدمة، والبيانات الفنية.

 5. التعاون بين التخصصات:

يجب أن تشمل عملية الصيانة تعاونًا بين مختلف التخصصات، مثل علم الآثار، الكيمياء، الهندسة، والفنون، لضمان نجاح العمليات.

 6. تقدير القيم الثقافية والتاريخية:

يجب أن تكون جميع العمليات مبنية على فهم عميق للقيم الثقافية والتاريخية للقطع الأثرية، مع احترام سياقها الثقافي.

 7. التعليم والتوعية:

يجب تعزيز الوعي بأهمية صيانة التحف الأثرية من خلال برامج التعليم والتوعية للمجتمعات المحلية والعالمية.

 8. المراجعة الدورية:

تتطلب الصيانة تقييمًا دوريًا لحالة التحف الأثرية وتحديث الخطط والإجراءات وفقًا للتغيرات الحاصلة.

تساعد هذه المبادئ العامة في ضمان الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأجيال القادمة، مما يعزز من قيمته كمصدر هام للدراسة والفهم.

2. الفرق بين الصيانة الوقائية والعلاجية

تعتبر الصيانة الوقائية والعلاجية من الجوانب الأساسية في صيانة التحف الأثرية، ولكل منهما أهدافه واستراتيجياته الخاصة.

 1. الصيانة الوقائية:

تعريف:  

الصيانة الوقائية هي مجموعة من الإجراءات المتخذة لمنع حدوث التلف أو التدهور في التحف الأثرية قبل أن يحدث.

الأهداف:

- تقليل المخاطر: تهدف إلى تقليل العوامل البيئية الضارة (مثل الرطوبة والحرارة) التي قد تؤثر على التحف.

- حماية التحف: تضمن الحفاظ على حالة التحف الأثرية لأطول فترة ممكنة.

الإجراءات:

- التحكم في الظروف البيئية (مثل التهوية، والإضاءة).

- تخزين التحف في ظروف مناسبة.

- إجراء فحوصات دورية لتحديد أي مشاكل محتملة.

 2. الصيانة العلاجية:

تعريف:  

الصيانة العلاجية هي مجموعة من الإجراءات التي تُتخذ لإصلاح أو ترميم التحف الأثرية بعد حدوث تلف أو تدهور فيها.

الأهداف:

- إعادة التأهيل: تهدف إلى إعادة التحف إلى حالتها الأصلية أو تحسين حالتها بعد التدهور.

- استعادة الوظيفة: تضمن أن تبقى التحف قابلة للتفاعل مع الجمهور أو البحث العلمي.

الإجراءات:

- تنظيف التحف من الأوساخ أو الملوثات.

- استخدام تقنيات الترميم مثل إعادة بناء الأجزاء المفقودة أو ترميم الأضرار.

- استخدام مواد جديدة تتوافق مع المواد الأصلية.

باختصار، بينما تركز الصيانة الوقائية على منع المشاكل قبل حدوثها، تركز الصيانة العلاجية على معالجة المشاكل الموجودة بالفعل. كلا النوعين ضروريان لضمان الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأجيال القادمة.

3. الأخلاقيات في صيانة التحف الأثرية

تعتبر الأخلاقيات عنصرًا أساسيًا في مجال صيانة التحف الأثرية، حيث تساعد في توجيه الممارسات والتعامل مع القضايا الحساسة المرتبطة بالحفاظ على التراث الثقافي. إليك أبرز الأخلاقيات المتبعة في هذا المجال:

 1. احترام القيمة الثقافية:

يجب على المختصين في صيانة التحف الأثرية أن يقدروا القيم الثقافية والتاريخية للقطع. يجب أن تُعتبر التحف جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمعات، ويجب احترام السياق الذي تنتمي إليه.

 2. التعامل بموضوعية:

تتطلب الأخلاقيات في الصيانة التعامل بموضوعية وعدم الانحياز. يجب اتخاذ القرارات بناءً على الأدلة العلمية والمعايير المهنية بدلاً من الأهواء الشخصية أو الضغوط الخارجية.

 3. شفافية العمليات:

يجب توثيق جميع عمليات الصيانة والترميم بدقة وشفافية، مما يتيح إمكانية تتبع الإجراءات وفهم العمليات المتبعة.

 4. التعاون مع المجتمعات المحلية:

من الضروري إشراك المجتمعات المحلية في عمليات صيانة التراث الأثري، حيث إن هذه المجتمعات تمتلك معرفة عميقة بالقيم الثقافية والتاريخية المحيطة بالتحف.

 5. تجنب التدخل المفرط:

يجب أن يتم التعامل مع التحف الأثرية بحذر، وتجنب أي تدخل قد يؤدي إلى فقدان الخصائص الأصلية للقطع. يُفضل الحفاظ على التحف في حالتها الأصلية قدر الإمكان.

 6. التعليم والتوعية:

يتحمل الأثريون مسؤولية نشر الوعي حول أهمية صيانة التحف الأثرية وتأثيرها على التراث الثقافي، سواء بين العامة أو بين المهنيين في المجال.

 7. احترام القوانين والأنظمة:

يجب الالتزام بالقوانين المحلية والدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي، والتأكد من أن جميع الأنشطة تتماشى مع المعايير القانونية والأخلاقية.

تُعتبر الأخلاقيات في صيانة التحف الأثرية ضرورية لضمان استدامة التراث الثقافي وحمايته للأجيال القادمة. الالتزام بهذه المبادئ يعزز من مصداقية المجال ويضمن أن تبقى التحف الأثرية في أفضل حالة ممكنة.

تقنيات ومواد صيانة التحف الأثرية

تتطلب صيانة التحف الأثرية استخدام تقنيات ومواد متخصصة لضمان الحفاظ على القطع القيمة. إليك أهم التقنيات والمواد المستخدمة في هذا المجال:

 1. التقنيات المستخدمة في الصيانة التحف الأثرية

تتعدد التقنيات المستخدمة في صيانة التحف الأثرية لضمان الحفاظ على هذه القطع القيمة. إليك أبرز هذه التقنيات:

 1. تنظيف التحف:

- التنظيف الجاف:

  - استخدام فرش ناعمة أو هواء مضغوط لإزالة الغبار والأوساخ السطحية.

- التنظيف الرطب:

  - استخدام محلولات مائية خاصة أو مواد تنظيف آمنة، مثل الصابون المخفف، لإزالة التلوث.

 2. فحص التحف:

- الأشعة السينية:

  - فحص البنية الداخلية والتحقق من وجود تلف دون إتلاف القطعة.

- التصوير بالأشعة فوق البنفسجية:

  - للكشف عن التدهور أو التعديلات السابقة غير المرئية.

 3. تقنيات الترميم:

- إعادة البناء:

  - استخدام مواد مناسبة لملء الأجزاء المفقودة أو المتضررة، مثل راتنجات الإيبوكسي.

- الترميم الكيميائي:

  - معالجة المواد باستخدام مواد كيميائية متخصصة لمنع التدهور.

 4. تقنيات الحماية:

- تطبيقات الحماية:

  - استخدام مواد لحماية التحف من العوامل البيئية، مثل مضادات الأكسدة لمنع الصدأ.

- التغليف:

  - استخدام مواد تغليف غير سامة وآمنة، مثل صناديق الفوم، لحماية التحف أثناء التخزين.

 5. تقنيات التصوير الرقمي:

- التصوير ثلاثي الأبعاد:

  - لإنشاء نماذج دقيقة للقطع الأثرية، مما يساعد في دراستها وصيانتها.

- التحليل الرقمي:

  - استخدام برامج تحليل لمعالجة البيانات وتحليل حالة التحف.

 6. المراقبة البيئية:

- أنظمة التحكم في المناخ:

  - تركيب أنظمة لضبط درجات الحرارة والرطوبة في مواقع التخزين أو العرض للحفاظ على التحف.

 الخاتمة

تساعد هذه التقنيات في الحفاظ على التحف الأثرية وضمان استدامتها للأجيال القادمة، مما يعزز من قيمتها الثقافية والتاريخية.

2. المواد المستخدمة في الصيانة التحف الأثرية

تستخدم مجموعة متنوعة من المواد في صيانة التحف الأثرية لضمان الحفاظ على قيمتها الثقافية والتاريخية. إليك أبرز هذه المواد:

 1. مواد التنظيف:

- محاليل تنظيف غير ضارة:

  - مثل الصابون السائل المخفف أو المحاليل المخصصة لتنظيف الأثر، والتي لا تتسبب في تآكل المواد.

- مذيبات آمنة:

  - تُستخدم لإزالة الشوائب دون التأثير على المواد الأصلية، مثل الإيثانول أو الأسيتون المخفف.

 2. مواد الترميم:

- راتنجات صناعية:

  - مثل راتنجات الإيبوكسي أو البوليستر، تُستخدم لملء الفجوات أو إصلاح الشقوق.

- مواد تقوية:

  - الألياف الزجاجية أو الأنسجة المستخدمة لتقوية القطع الضعيفة والمتهالكة.

 3. مواد الحماية:

- مضادات الأكسدة:

  - تُستخدم لحماية التحف المعدنية من الصدأ والتآكل.

- مواد الحماية من الفطريات:

  - تُضاف للحد من نمو الفطريات والعفن على المواد العضوية، مثل المبيدات الحيوية.

 4. مواد التغليف:

- صناديق الفوم:

  - تستخدم لتغليف التحف وحمايتها من الأضرار أثناء التخزين أو النقل.

- أكياس قابلة للتنفس:

  - لحماية التحف من الرطوبة دون التسبب في تكوين العفن.

 5. مواد التثبيت:

- لاصقات آمنة:

  - تستخدم لتثبيت الأجزاء المرممة دون التأثير على التركيبة الكيميائية الأصلية، مثل اللاصقات القابلة للتحلل.

 6. مواد التلوين:

- أصباغ غير سامة:

  - تستخدم لإعادة تلوين الأجزاء المرممة بحيث تتناسب مع الألوان الأصلية للقطعة.

تساعد هذه المواد في ضمان فعالية عمليات الصيانة والترميم، مما يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة.

3. الأدوات المستخدمة في الصيانة

تعتبر الأدوات جزءًا أساسيًا في عمليات صيانة التحف الأثرية، حيث تسهم في تنفيذ المهام بدقة وكفاءة. إليك أبرز الأدوات المستخدمة:

 1. أدوات التنظيف:

- فرش ناعمة:

  - تستخدم لإزالة الغبار والأوساخ برفق دون إلحاق الضرر بالسطح.

- أقمشة غير ليفية:

  - تساعد في تنظيف القطع الحساسة دون ترك ألياف أو خدوش.

- أدوات شفط الغبار:

  - مثل المكانس الكهربائية الصغيرة، تستخدم لإزالة الأوساخ الدقيقة.

 2. أدوات الترميم:

- أدوات النحت:

  - تستخدم لإعادة تشكيل الأجزاء المفقودة أو المتضررة بدقة.

- قواطع وشفاطات:

  - لتقطيع المواد بدقة عند الترميم، مثل القواطع الدقيقة أو الشفاطات.

- أدوات القياس:

  - مثل المساطر والزاويا لضمان دقة الترميم.

 3. أدوات الحماية:

- قفازات نيتريل:

  - لحماية الأيدي أثناء التعامل مع المواد الكيميائية أو التحف الهشة.

- نظارات واقية:

  - لحماية العينين من المواد الكيميائية أو الأتربة أثناء العمل.

 4. أدوات التحليل:

- ميكروسكوبات:

  - تستخدم لفحص التفاصيل الدقيقة للقطع الأثرية وتحليل حالتها.

- أجهزة قياس الرطوبة:

  - لمراقبة مستويات الرطوبة في البيئة المحيطة بالتحف.

 5. أدوات التعبئة والتغليف:

- صناديق فوم:

  - لحماية التحف أثناء التخزين أو النقل.

- شرائط لاصقة:

  - تُستخدم لتأمين التغليف وضمان سلامة القطع.

 6. أدوات التوثيق:

- كاميرات رقمية:

  - لتوثيق حالة التحف وتسجيل التغييرات التي تطرأ عليها.

- دفاتر الملاحظات:

  - لتدوين الملاحظات والتفاصيل حول كل عملية صيانة.

تساهم هذه الأدوات في تعزيز فعالية عمليات صيانة التحف الأثرية وضمان الحفاظ عليها بطرق مهنية وعلمية.

أمثلة عملية لصيانة التحف الأثرية

إليك بعض الأمثلة العملية التي توضح كيفية تنفيذ صيانة التحف الأثرية:

 1. ترميم الفخار:

   - الحالة: قطعة فخارية مكسورة.

   - الإجراء: يتم تنظيف القطعة بلطف باستخدام فرشاة ناعمة، ثم يتم استخدام راتنجات الإيبوكسي لإعادة تجميع الأجزاء المكسورة. تُترك لتجف تمامًا قبل وضع أي طبقة إضافية.

 2. تنظيف الأقمشة القديمة:

   - الحالة: نسيج قديم مُتسخ.

   - الإجراء: يُستخدم محلول مخفف من الصابون لتنظيف النسيج، مع الحرص على استخدام قماش غير ليفي لتجنب الضرر. بعد التنظيف، يتم تجفيفه بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة.

 3. حماية المعادن:

   - الحالة: قطعة معدنية مصابة بالصدأ.

   - الإجراء: يُستخدم محلول مضاد للصدأ لإزالة التآكل، ثم يتم تطبيق طبقة من مواد الحماية مثل الشمع أو الطلاء الخاص لحماية المعدن من الصدأ مستقبلاً.

 4. إعادة بناء تمثال:

   - الحالة: تمثال حجري متآكل.

   - الإجراء: يتم فحص الأجزاء المفقودة، واستخدام مواد حجرية مماثلة لإعادة بناء الأجزاء المفقودة بطريقة تتناسب مع التصميم الأصلي.

 5. تجديد النقوش:

   - الحالة: نقوش على قطعة أثرية باهتة.

   - الإجراء: يتم استخدام أصباغ غير سامة لإعادة تلوين النقوش الباهتة، مع التأكد من استخدام الألوان التي تتناسب مع الألوان الأصلية.

 6. تخزين الآثار:

   - الحالة: مجموعة من التحف الصغيرة.

   - الإجراء: يتم تخزين التحف في صناديق فوم مخصصة مع مواد غير سامة، وضمان أن تكون البيئات ذات رطوبة وحرارة مناسبة.

تُظهر هذه الأمثلة كيفية تنفيذ عمليات الصيانة الفعالة للحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة وضمان بقاء التحف الأثرية في أفضل حالة ممكنة.

المؤسسات الدولية في صيانة التحف الأثرية

تُنظّم صيانةُ التحفِ الأثريةِ على المستوى الدوليّ من قبلِ العديدِ من المؤسساتِ والمعاييرِ، وذلك لضمانِ تطبيقِ أفضلِ الممارساتِ في هذا المجالِ.

أهمّ هذهِ المؤسساتِ والمعاييرِ:

1. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو):

  • تُعدّ اليونسكو الوكالةَ الأمميةَ المسؤولةَ عن حمايةِ التراثِ العالميّ، بما في ذلك التحفُ الأثريةُ.

  • تُصدر اليونسكو المبادئَ التوجيهيةَ لصيانةِ التراثِ العالميّ، وتُقدّم المساعدةَ الفنيةَ والدعمَ الماليّ للدولِ في صيانةِ التحفِ الأثريةِ.

2. المجلس الدولي للمتاحف (ICOM):

  • يُعدّ ICOM المنظمةَ العالميةَ المسؤولةَ عن المتاحفِ والمواقعِ الأثريةِ.

  • يُصدر ICOM معاييرَ أخلاقيةً ومهنيةً لصيانةِ المتاحفِ والمواقعِ الأثريةِ، وينظّم المؤتمراتِ وورش العملِ لتبادلِ الخبراتِ في هذا المجالِ.

3. الاتحاد الدولي للآثار العلمية والتكنولوجيا (ICOMOS):

  • يُعدّ ICOMOS المنظمةَ العالميةَ المسؤولةَ عن الآثارِ والمواقعِ الأثريةِ.

  • يُصدر ICOMOS المبادئَ التوجيهيةَ لصيانةِ الآثارِ والمواقعِ الأثريةِ، وينظّم المؤتمراتِ وورش العملِ لتبادلِ الخبراتِ في هذا المجالِ.

4. المعايير الدولية:

  • تُوجد العديدُ من المعاييرِ الدوليةِ لصيانةِ التحفِ الأثريةِ، مثلُ معاييرِ المنظمةِ الدوليةِ للتوحيدِ المقاييسِ (ISO) ومعاييرِ الجمعيةِ الأمريكيةِ للاختبارِ والموادِ (ASTM).

  • تُحدّد هذهِ المعاييرُ المتطلباتِ الفنيةَ لصيانةِ التحفِ الأثريةِ، وتُساعدُ على ضمانِ جودةِ العملِ وحمايتهِ من التلفِ.

2. المعايير الدولية لصيانة التحف الأثرية

تلعب المعايير الدولية دورًا هامًا في ضمان جودة صيانة التحف الأثرية وتوحيد الممارسات في جميع أنحاء العالم.

أهم المعايير الدولية لصيانة التحف الأثرية:

  • مبادئ اليونسكو التوجيهية لصيانة التراث العالمي: تُصدرها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم و الثقافة (اليونسكو) وتُقدم إطارًا شاملًا لصيانة المواقع الأثرية والتاريخية مع مراعاة قيمتها العالمية الاستثنائية.

  • المبادئ التوجيهية لICOM لصيانة المتاحف: يُصدرها المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) وتُحدد المبادئ الأخلاقية والمهنية لصيانة القطع الأثرية والمجموعات المتحفية.

  • المبادئ التوجيهية لICOMOS لصيانة الآثار: يُصدرها الاتحاد الدولي للآثار العلمية والتكنولوجيا (ICOMOS) وتُقدم إرشادات لصيانة المواقع الأثرية مع التركيز على الحفاظ على قيمتها التاريخية والأثرية.

  • معايير ISO لصيانة المواد التراثية: تُصدرها المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) وتُحدد المتطلبات الفنية لصيانة المواد المختلفة المستخدمة في التحف الأثرية، مثل الحجر والخشب والمعادن والنسيج.

  • معايير ASTM لصيانة المواد التراثية: تُصدرها الجمعية الأمريكية للاختبار والمواد (ASTM) وتُقدم طرقًا اختبارية قياسية لتقييم حالة المواد وتحديد طرق صيانتها المناسبة.

بالإضافة إلى هذه المعايير الدولية، هناك العديد من المعايير الوطنية و الإقليمية التي تُطبّق في مختلف أنحاء العالم.

مبادئ أساسية لصيانة التحف الأثرية:

  • الوقاية: من أهمّ مبادئ صيانة التحف الأثرية هو اتّخاذُ الخطواتِ الوقائيةِ لحمايتها من العواملِ البيئيةِ والبشريةِ.

  • التدخل: عندما تكونُ الصيانةُ الوقائيةُ غير كافيةٍ، فقد يلزمُ التدخّلُ لإصلاحِ التلفِ أو استبدالِ الأجزاءِ التالفةِ.

  • الاحترام: يجبُ عند صيانةِ التحفِ الأثريةِ احترامُ أصالتها وقيمتها التاريخيةِ والثقافيةِ.

من خلال تطبيق المعايير الدولية ومبادئ الصيانة الأساسية، يمكننا ضمان الحفاظ على التحف الأثرية ل للأجيال القادمة.

   - ميثاق البندقية في  المعايير الدولية لصيانة التحف الأثرية

يُعدّ ميثاق البندقية وثيقةً تاريخيةً هامّةً في مجال صيانة التحف الأثرية. تمّ تبنّيه عام 1964 في مؤتمر دوليّ عُقد في مدينة البندقية بإيطاليا برعاية اليونسكو.

يُركّز ميثاق البندقية على المبادئ الأخلاقية والمهنية لصيانة المباني والمواقع الأثرية مع مراعاة قيمتها التاريخية والثقافية.

أهم مبادئ ميثاق البندقية:

  • الحفاظ على أصالة المبنى أو الموقع الأثري: يجب الحفاظ على المبنى أو الموقع الأثري بشكلٍ يتوافق مع حالته الأصلية مع مراعاة التغييرات التي طرأت عليه على مرّ الزمن.

  • استخدام المواد والتقنيات المناسبة: يجب استخدام مواد و تقنيات صيانة متوافقة مع المواد الأصلية والتقنيات المستخدمة في بناء المبنى أو الموقع الأثري.

  • احترام القيمة العالمية الاستثنائية: يجب صيانة المباني والمواقع الأثرية مع مراعاة قيمتها العالمية الاستثنائية وأهميتها الثقافية والتاريخية.

  • المشاركة المجتمعية: يجب إشراك المجتمع المحلي في عملية صيانة المباني والمواقع الأثرية ضمانًا لحماية تراثه الثقافي.

تأثير ميثاق البندقية:

  • أصبح ميثاق البندقية مرجعًا أساسيًا للمهنيين العاملين في مجال صيانة المباني والمواقع الأثرية في جميع أنحاء العالم.

  • ساهم الميثاق في رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

  • ألهم الميثاق العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بصيانة التراث الثقافي.

يُعدّ ميثاق البندقية معلماً هامًا في تاريخ صيانة المباني والمواقع الأثرية. ساهم الميثاق في وضع مبادئ أخلاقية ومهنية لصيانة التراث الثقافي وألهم العديد من المبادرات الدولية في هذا المجال.

   - ميثاق بورّا في  المعايير الدولية لصيانة التحف الأثرية

يُعدّ ميثاق بورّا وثيقةً هامّةً في مجال صيانة المواقع الأثرية التي تحتوي على بقايا معمارية. تمّ تبنّيه عام 2008 في مؤتمر دوليّ عُقد في مدينة بورّا بفرنسا برعاية اليونسكو.

يُركّز ميثاق بورّا على المبادئ الأخلاقية والمهنية لصيانة المواقع الأثرية التي تحتوي على بقايا معمارية مع مراعاة قيمتها التاريخية والثقافية.

أهم مبادئ ميثاق بورّا:

  • الحفاظ على سلامة الموقع الأثري: يجب صيانة الموقع الأثري لحماية سلامته وإمكانية الوصول إليه وتحسين قدرته على مقاومة العوامل الطبيعية.

  • الحفاظ على أصالة الموقع الأثري: يجب الحفاظ على الموقع الأثري بشكلٍ يتوافق مع حالته الأصلية مع مراعاة التغييرات التي طرأت عليه على مرّ الزمن.

  • استخدام المواد والتقنيات المناسبة: يجب استخدام مواد و تقنيات صيانة متوافقة مع المواد الأصلية والتقنيات المستخدمة في بناء الموقع الأثري.

  • احترام القيمة العالمية الاستثنائية: يجب صيانة المواقع الأثرية مع مراعاة قيمتها العالمية الاستثنائية وأهميتها الثقافية والتاريخية.

  • المشاركة المجتمعية: يجب إشراك المجتمع المحلي في عملية صيانة المواقع الأثرية ضمانًا لحماية تراثه الثقافي.

تأثير ميثاق بورّا:

  • أصبح ميثاق بورّا مرجعًا أساسيًا للمهنيين العاملين في مجال صيانة المواقع الأثرية التي تحتوي على بقايا معمارية في جميع أنحاء العالم.

  • ساهم الميثاق في رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

  • ألهم الميثاق العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بصيانة التراث الثقافي.

يُعدّ ميثاق بورّا إضافةً هامّةً إلى المعايير الدولية لصيانة التحف الأثرية. ساهم الميثاق في وضع مبادئ أخلاقية ومهنية لصيانة المواقع الأثرية التي تحتوي على بقايا معمارية وألهم العديد من المبادرات الدولية في هذا المجال.

التحديات والمستقبل في صيانة التحف الأثرية في علم الأثار

يواجه علم الآثار العديد من التحديات في مجال صيانة التحف الأثرية، وتشمل هذه التحديات:

1. التغيرات المناخية:

  • تُعدّ التغيرات المناخية من أخطر التحديات التي تواجه صيانة التحف الأثرية، حيث تُهدد هذه التغيرات سلامة المواقع الأثرية وتُساهم في تآكلها وتلفها.

  • على سبيل المثال، تُؤدي الفيضانات والعواصف إلى تآكل المواقع الأثرية وتُهدد سلامتها، بينما تُؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف إلى تفتت المواد الأثرية وتلفها.

2. النمو السكاني والتوسع العمراني:

  • يُهدد النمو السكاني والتوسع العمراني سلامة المواقع الأثرية من خلال التعديات عليها وبناء المشاريع السكنية والتجارية في محيطها.

  • على سبيل المثال، تُهدد مشاريع البناء الجديدة سلامة المواقع الأثرية وتُؤدي إلى تدميرها، بينما تُؤدي الزيادة في عدد السكان إلى زيادة الضغط على المواقع الأثرية وتُهدد سلامتها.

3. النهب والاتجار غير المشروع بالتحف الأثرية:

  • يُعدّ النهب والاتجار غير المشروع بالتحف الأثرية من أهم التحديات التي تواجه علم الآثار، حيث يُؤدي إلى فقدان هذه التحف وتدمير سياقها التاريخي والثقافي.

  • على سبيل المثال، يتمّ نهب المواقع الأثرية من قبل اللصوص وبيعها في السوق السوداء، بينما تُهرب التحف الأثرية إلى خارج البلاد دون أيّ ضوابط قانونية.

4. نقص الموارد المالية والبشرية:

  • يعاني علم الآثار من نقص الموارد المالية والبشرية لصيانة التحف الأثرية وحمايتها من التحديات التي تواجهها.

  • على سبيل المثال، لا تتوفر لدى العديد من الدول الموارد المالية الكافية لصيانة المواقع الأثرية وحمايتها من التلف، بينما يعاني علم الآثار من نقص في عدد المتخصصين في مجال صيانة التحف الأثرية.

5. التطورات التكنولوجية:

  • تُقدم التطورات التكنولوجية فرصًا جديدةً لصيانة التحف الأثرية وحمايتها، ولكنها تُطرح أيضًا بعض التحديات.

  • على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد لإنشاء نماذج رقمية للمواقع الأثرية وتوثيقها، ولكن قد تُستخدم هذه التقنيات لصنع نسخ طبق الأصل من التحف الأثرية وبيعها في السوق السوداء.

المستقبل:

على الرغم من التحديات التي تواجهها صيانة التحف الأثرية، إلا أنّ هناك العديد من الجهود المبذولة لتطوير حلول جديدة لحماية هذه التحف ولضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

تشمل هذه الجهود:

  • استخدام تقنيات جديدة لصيانة التحف الأثرية، مثل تقنيات النانو والتكنولوجيا الحيوية.

  • تعزيز التعاون الدولي لمكافحة النهب والاتجار غير المشروع بالتحف الأثرية.

  • رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي لدى الجمهور العام.

  • توفير المزيد من الموارد المالية والبشرية لصيانة التحف الأثرية وحمايتها.

من خلال التعاون والعمل الجماعي، يمكننا ضمان الحفاظ على التحف الأثرية ولضمان استمرارها كشاهد على تاريخنا وحضارتنا.

 الخاتمة  في صيانة التحف الأثرية في علم الأثار

  • تعتبر صيانة التحف الأثرية من العوامل الأساسية في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأمم. تمثل هذه التحف ليس فقط موروثًا ثقافيًا، بل هي أيضًا أدوات حيوية لفهم التاريخ البشري وتطوره. إن عملية صيانة هذه القطع تتطلب الالتزام بمجموعة من المبادئ الأخلاقية والتقنية التي تضمن الحفاظ على سلامتها وجودتها على مر الزمن.

  • تتضمن صيانة التحف الأثرية مجموعة من الأنشطة التي تتراوح بين الصيانة الوقائية والعلاجية. فالصيانة الوقائية تهدف إلى منع حدوث أي تلف أو تدهور، وذلك من خلال التحكم في الظروف البيئية، مثل الرطوبة والحرارة والإضاءة. من خلال تنفيذ استراتيجيات فعالة في الصيانة الوقائية، يمكن تقليل مخاطر التآكل والتلف التي قد تواجه التحف.

  • أما الصيانة العلاجية، فتأتي بعد حدوث التلف، حيث تتطلب تقنيات متخصصة ومواد آمنة لإصلاح الأضرار. تشمل هذه العمليات استخدام راتنجات صناعية، ومواد تنظيف، وأدوات دقيقة تضمن استعادة القطع إلى حالتها الأصلية بأقل تأثير ممكن. لذلك، يجب أن تتم هذه العمليات بواسطة مختصين مدربين ومؤهلين يتبعون أحدث الأساليب العلمية في مجال صيانة التراث.

  • تعتبر الأخلاقيات جزءًا لا يتجزأ من عملية الصيانة. يتعين على الأثريين والمختصين احترام القيم الثقافية والتاريخية للتحف، والعمل بشفافية مع المجتمعات المحلية والمهنية. ينبغي أن يكون هناك تواصل دائم مع الجمهور لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي ودوره في تشكيل الهوية الوطنية.

  • علاوة على ذلك، تلعب المؤسسات الدولية دورًا محوريًا في تعزيز معايير صيانة التحف الأثرية. مثل اليونسكو والمجلس الدولي للمتاحف، حيث تقدم إرشادات وأساليب أفضل للممارسات، مما يعزز من التعاون بين الدول ويساهم في نشر المعرفة وتبادل الخبرات. إن الالتزام بهذه المعايير يسهم في تحقيق نتائج فعالة ومستدامة في مجال صيانة التراث.

  • تتضمن عملية صيانة التحف الأثرية أيضًا استخدام تقنيات حديثة، مثل التصوير بالأشعة السينية، والنمذجة ثلاثية الأبعاد، التي تساعد في فهم حالة القطع بشكل أفضل، وتقديم حلول فعالة للمشكلات القائمة. هذه التقنيات تتيح للمتخصصين إجراء فحوصات دقيقة وتحليل الأثر دون التأثير على سلامته.

  • في الختام، تمثل صيانة التحف الأثرية مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود بين الحكومات، والجامعات، والمؤسسات الثقافية، والمجتمعات المحلية. يجب أن يكون هناك استثمار في التعليم والتدريب لتأهيل الأخصائيين في هذا المجال، وتعزيز الأبحاث والدراسات التي تدعم تطوير تقنيات وأساليب جديدة لصيانة التحف. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن الحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة، وضمان استمرارية التفاعل الإيجابي بين الإنسان وتاريخه. إن صيانة التحف الأثرية ليست مجرد واجب علمي، بل هي التزام تجاه الهوية الثقافية الإنسانية، وتعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب عبر العصور.

إقرا المزيد-مقالات تكميلية

  • نبذة تاريخية حول علم الاثار النشأة مراحل تطوره . رابط
  • تعريف علم الآثار-خصائصه وأنواع . رابط
  • علماء الآثار-حراس التراث الإنساني . رابط
  • أنواع و فروع علم الآثار . رابط
  • بحث حول تخصص علم الآثار و فروعه . رابط
  • بحث حول أنواع السجلات الحفرية و أنواع الحفريات في علم الآثار. رابط
  • المتاحف التاريخية وعلم الآثار. رابط
  • المتاحف الفنية و علم الأثار. رابط
  • المتاحف الطبيعية-علم الأثار. رابط
  • المتاحف الأثرية-علم الأثار. رابط
  • الأطلال والمواقع البحرية القديمة-علم الأثار البحرية-الآثار الغارقة. رابط
  • الترميم الرقمي للأثار-علم الاثار. رابط
  • بحث حول المواد الأثرية-علم الأثار. رابط
  • تقنية التحليل الطبوغرافي و علم الآثار. رابط
  • الصورالجوية للمواقع الأثرية-علم الآثار الجوية. رابط
  • التأريخ بالكربون المشع C-14 و علم الأثار. رابط
  • علم الآثار البيئية . رابط
  • الستراتيجرافيا-التنقيب في علم الآثاروالجيولوجيا. رابط
  • مراحل البحث الأثري-علم الأثار. رابط
  • المراكز الوطنية للبحث في علم الآثار. رابط
  • طرق وأساليب الكشف عن الآثار-علم الأثار. رابط
  • بحث حول الملف الأثري. رابط
  • بحث حول الأثار القديمة. رابط
  • ترميم و صيانة التحف الأثرية في علم الآثار. رابط
  • الحفرية الأثرية والتنقيب في علم الآثار . رابط
  • تعريف الكنوز الأثرية الأنواع والأهمية. رابط
  • بحث حول الاكتشافات الأثرية في علم الأثار . رابط
  • بحث حول القطع والتحف الأثرية والتحف الفنية القديمة-علم الأثار . رابط
  • العلاقة بين علم الاثار وعلم التأريخ . رابط
  • بحث حول المصادر المادية في علم الاثار . رابط
  • المؤسسات الثقافية وهياكل البحث الأثري . رابط 
  • التراث الثقافي الحفاظ على نسيج الهوية الإنسانية . رابط 
  • عالم الأبحاث الأثرية  في علم الأثار . رابط 
  • المواقع الأثرية حمايتها وتسييرها . رابط
  • علم الأثار  التقرير الأثري . رابط 
  • طرق تأريخ الأثار . رابط 
  • الأعمال المخبرية في الحفرية . رابط 
  • المسح الأثري  أنواعه وتقنياته . رابط

 المراجع في صيانة التحف الأثرية في علم الأثار

1. العنوان: صيانة الآثار: الأسس والمبادئ  

   المؤلف: د. أحمد عبد الله

2. العنوان: ترميم الآثار: أسس وممارسات  

   المؤلف: د. محمد الجوهري

3. العنوان: علم آثار الحفظ والصيانة  

   المؤلف: د. عبد الرحمن الحاج

4. العنوان: أسس صيانة التراث الثقافي  

   المؤلف: د. سهير زكي

5. العنوان: طرق وأساليب ترميم الآثار  

   المؤلف: د. عماد الدين عبد القادر


تعليقات

محتوى المقال