القائمة الرئيسية

الصفحات

علماء الآثار ومدينة أطلنتس المفقودة-بين الأسطورة والحقيقة

  علماء الآثار ومدينة أطلنتس المفقودة-بين الأسطورة والحقيقة

علماء الآثار ومدينة أطلنتس المفقودة-بين الأسطورة والحقيقة

تعتبر مدينة أطلنتس المفقودة واحدة من أكثر الألغاز إثارة للاهتمام في التاريخ البشري. حكاية هذه المدينة التي ذكرها الفيلسوف اليوناني أفلاطون في حواراته، لا تزال تجذب انتباه الباحثين وعلماء الآثار حتى اليوم. على الرغم من أن أطلنتس قد تبدو كحكاية خيالية، فإن السعي للكشف عن حقيقتها قاد العديد من العلماء إلى التنقيب والتحقيق في الأدلة الأثرية القديمة.

وفقًا لأفلاطون، كانت أطلنتس جزيرة عظيمة تقع وراء "أعمدة هرقل" (مضيق جبل طارق)، وكانت تمتلك حضارة متقدمة ازدهرت قبل نحو 9000 سنة من زمنه. يصف أفلاطون أطلنتس بأنها قوة بحرية عظيمة، تحكمت في مناطق واسعة، لكنها غاصت في البحر نتيجة لكارثة طبيعية.

 دور علماء الآثار

علماء الآثار هم المحققون في هذه الحكاية القديمة. باستخدام أدوات وأساليب حديثة، يحاولون تحديد ما إذا كانت أطلنتس حقيقة تاريخية أم مجرد خيال فلسفي. هناك عدة محاور رئيسية لبحثهم:

 التنقيب تحت الماء

من أهم الأدوات التي يستخدمها علماء الآثار في بحثهم عن أطلنتس هي التنقيب تحت الماء. تقنيات مثل التصوير بالأقمار الصناعية، والسونار، والغوص الاستكشافي، تساعد العلماء في البحث عن آثار الحضارات القديمة المغمورة تحت سطح البحر. على سبيل المثال، المواقع الغارقة مثل بيميني رود في جزر الباهاما، وبقايا الحضارات الغارقة في البحر الأبيض المتوسط، قد أثارت اهتمام الباحثين بوصفها ممكنة لأطلنتس.

 التحليل الجيولوجي

علماء الجيولوجيا يلعبون دورًا حيويًا في البحث عن أطلنتس من خلال دراسة التغيرات الجيولوجية التي قد تفسر غرق جزيرة بأكملها. هذا يشمل البحث عن أدلة على زلازل كبيرة أو ثورانات بركانية يمكن أن تكون قد تسببت في كارثة طبيعية مماثلة لتلك التي وصفها أفلاطون.

 الأدلة الأثرية

هناك مواقع أثرية على اليابسة تم اقتراحها كمواقع محتملة لأطلنتس، مثل جزيرة سانتوريني اليونانية، التي شهدت ثورانًا بركانيًا هائلًا في العصور القديمة. الحفريات في سانتوريني أظهرت بقايا مدينة مينوانية متقدمة قد تتطابق مع بعض أوصاف أطلنتس.

البحث عن أطلنتس مليء بالتحديات. أولاً، عدم وجود أدلة تاريخية مباشرة أو نصوص أخرى تؤكد ما ذكره أفلاطون يجعل من الصعب التحقق من القصة. بالإضافة إلى ذلك، مرور الزمن الطويل وتغيرات سطح الأرض تجعل من الصعب العثور على أدلة قاطعة.

 النقاش الأكاديمي حول أطلنتس

هناك نقاش واسع في الأوساط الأكاديمية حول ما إذا كانت أطلنتس حقيقية أم لا. بعض العلماء يرون أن أطلنتس كانت مجازًا استخدمه أفلاطون لتوضيح أفكاره الفلسفية حول الحضارات المثالية وأخطار الفساد. آخرون يعتقدون أن القصة تستند إلى أحداث حقيقية، ولكنها قد تكون اختلطت بالأساطير مع مرور الزمن.

قصة أطلنتس، المدينة الغارقة الأسطورية التي تحدث عنها الفيلسوف اليوناني أفلاطون، ألهمت العديد من الباحثين والمستكشفين عبر العصور. وفيما يلي بعض من أبرز الأشخاص الذين بحثوا عن أطلنتس وقدموا نظرياتهم حول مكانها المحتمل:

 إغناتيوس دونيلي (Ignatius Donnelly)

- إغناتيوس دونيلي (1831-1901) كان سياسياً ومؤلفاً أمريكياً.

- في كتابه "أطلنتس: العالم القديم" (1882)، قدم نظرية مفادها أن أطلنتس كانت حضارة حقيقية واعتبرها مصدرًا للعديد من الحضارات القديمة الأخرى.

- دونيلي ربط بين أطلنتس وبين الكوارث الطبيعية الكبرى التي دمرت الحضارة.

 جورجيوس ديسيدياس (Georgeos Díaz-Montexano)

- جورجيوس ديسيدياس هو باحث إسباني معاصر وأحد أبرز المؤيدين لنظرية أن أطلنتس كانت موجودة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

- استند في نظرياته إلى النصوص القديمة والتحليل الجيولوجي والآثار البحرية.

 إرنست مولوك (Ernst Muldashev)

- إرنست مولوك هو عالم روسي اقترح نظرية مفادها أن أطلنتس كانت تقع في القارة القطبية الجنوبية.

- استخدم مولوك بيانات من بعثات علمية إلى القطب الجنوبي لدعم نظريته، مشيراً إلى اكتشافات جيولوجية وهياكل تحت الجليد.

 ريتشارد فريند (Richard Freund)

- ريتشارد فريند كان عالم آثار أمريكي استخدم تقنيات حديثة مثل التصوير بالرادار والتصوير الفضائي للبحث عن أطلنتس.

- قاد فريقًا اكتشف موقعًا محتملاً لأطلنتس في جنوب إسبانيا، بالقرب من منتزه دونانا الوطني، مستندًا إلى أدلة جيولوجية وهياكل غارقة.

 روبرت سارماست (Robert Sarmast)

- روبرت سارماست هو باحث ومستكشف أمريكي اقترح أن أطلنتس كانت موجودة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

- في كتابه "اكتشاف أطلنتس" (2003)، قدم أدلة من الخرائط القديمة والبيانات الجيولوجية التي تشير إلى وجود هياكل غارقة قبالة سواحل قبرص.

 تشارلز بيرليتز (Charles Berlitz)

- تشارلز بيرليتز كان كاتباً وباحثاً أمريكياً مشهوراً بأعماله حول الظواهر الغامضة.

- في كتابه "أطلنتس: القارة المفقودة" (1969)، قدم بيرليتز نظريات تربط بين أطلنتس والعديد من الكوارث الطبيعية، مشيراً إلى أدلة جيولوجية تدعم وجود قارة غارقة.

 جورجيو دي سانتيلا (Giorgio de Santillana) وهيرتا فون ديشند (Herta von Dechend)

- في كتابهم "محور العالم" (1969)، اقترح دي سانتيلا وفون ديشند أن أطلنتس قد تكون مرتبطة بتقاليد وأساطير العديد من الثقافات القديمة.

- استخدموا دراسات فلكية وأساطير شعبية لدعم نظريتهم عن وجود حضارة قديمة متقدمة غرقت نتيجة لكارثة طبيعية.

 كيرت ريدن (K.T. Frost)

- كيرت ريدن كان عالمًا وباحثًا أمريكيًا اقترح أن أطلنتس كانت موجودة في جزيرة كريت.

- استند في نظريته إلى التشابه بين ثقافة مينوان على جزيرة كريت ووصف أفلاطون لأطلنتس.

 مارتن ليتش (Martin Ebon)

- مارتن ليتش كان باحثًا أمريكيًا كتب عن أطلنتس في كتابه "أطلنتس: حضارة ضائعة" (1971).

- قدم ليتش نظرية تربط بين أطلنتس وحضارة موانغ في جنوب شرق آسيا، مستندًا إلى أساطير محلية واكتشافات أثرية.

 جيمس كاميرون (James Cameron) وسيمشا جاكوبوفيتشي (Simcha Jacobovici)

- في فيلمهم الوثائقي "أطلنتس: نهاية العالم، بداية الأسطورة" (2011)، استخدم كاميرون وجاكوبوفيتشي بيانات جيولوجية وأثرية لتحديد موقع محتمل لأطلنتس في البحر الأبيض المتوسط.

 الخاتمة

رغم مرور أكثر من ألفي عام على ذكر أفلاطون لأطلنتس، تظل القصة مصدر إلهام للعديد من الباحثين والمستكشفين. تباينت النظريات حول مكان وجود أطلنتس، لكنها جميعها تعكس الرغبة البشرية العميقة في كشف الألغاز وحل الأساطير القديمة. البحث عن أطلنتس ليس فقط بحثاً عن مدينة مفقودة، بل هو أيضًا رحلة لفهم التاريخ البشري والتغيرات الجيولوجية التي شهدها كوكبنا.

في النهاية، سواء كانت أطلنتس حقيقة تاريخية أم مجرد أسطورة، فإن البحث عنها يسلط الضوء على الشغف الإنساني لفهم ماضينا واستكشاف المجهول. علماء الآثار يواصلون العمل في هذا المجال بشغف وتفاني، يجمعون بين العلم والتكنولوجيا والخيال البشري، في محاولة لحل واحدة من أكثر الألغاز إثارة في تاريخ البشرية. حتى إذا لم يتم العثور على أطلنتس، فإن السعي وراءها يظل جزءًا مهمًا من مغامرة البحث الأثري، يكشف لنا الكثير عن حضاراتنا القديمة والطبيعة الإنسانية نفسها.



تعليقات

محتوى المقال