أحمد عرابي (Ahmed Urabi)-الثورة العرابية-تاريخ مصر
1- تعريف بأحمد عرابي (Ahmed Urabi)
أحمد عرابي (1841-1911) هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ المصري الحديث، ويُعرف بدوره الريادي في قيادة الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق والهيمنة البريطانية على مصر. ولد أحمد محمد عرابي في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية في مصر، لأسرة ريفية من الفلاحين، وقد أتاح له تفوقه الدراسي ان يلتحق بالجيش المصري في وقت مبكر من حياته.
بدأ عرابي حياته العسكرية جنديًا في الجيش المصري وسرعان ما ترقى في الرتب بفضل شجاعته وكفاءته العسكرية. بحلول نهاية الستينيات من القرن التاسع عشر، كان قد وصل إلى رتبة أميرالاي (عقيد). من خلال مسيرته العسكرية، اكتسب عرابي احترام زملائه وقادته، وأصبح شخصية بارزة في الجيش المصري.
عرف أحمد عرابي بشجاعته ووطنيته، وقد ساعد في تأسيس جمعية وطنية من ضباط الجيش المصري للوقوف ضد التمييز العنصري والتفريق بين الضباط المصريين والأتراك والشركس داخل الجيش. جاءت ذروة نشاطه الثوري في عام 1881، عندما قاد حركة احتجاجية كبيرة تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية شملت تحسين أوضاع الجيش وإقامة دستور يحمي حقوق الشعب المصري.
في عام 1882، تزعم أحمد عرابي الثورة العرابية، والتي تهدف إلى تحقيق استقلال مصر من التدخل الأجنبي والإصلاح الداخلي. وعلى الرغم من أن الثورة نجحت في البداية في تحقيق بعض المطالب، إلا أن التدخل العسكري البريطاني في مصر أدى إلى هزيمة العرابيين في معركة التل الكبير واحتلال البريطانيين لمصر.
بعد الهزيمة، تم محاكمة أحمد عرابي ونفيه إلى جزيرة سيلان (سريلانكا الحالية) حيث قضى نحو 19 عامًا في المنفى قبل أن يُسمح له بالعودة إلى مصر في عام 1901. عاش عرابي سنواته الأخيرة في القاهرة حتى وفاته في 21 سبتمبر 1911.
يُعتبر أحمد عرابي رمزًا للنضال الوطني ضد الاستبداد و الاستعمار، وقد أثرت حركته الثورية بشكل كبير على تطور الحركة الوطنية المصرية في القرن العشرين، ليظل اسمه محفورًا في الذاكرة الوطنية كشخصية بارزة في تاريخ مصر الحديث.
2- الأهمية التاريخية لأحمد عرابي في مصر
أحمد عرابي يُعتبر إحدى الشخصيات المحورية في التاريخ المصري الحديث، وقد ترك إرثًا كبيرًا في السياسة والمجتمع المصري. تكمن أهمية عرابي التاريخية في عدة جوانب:
1. القيادة الثورية والوطنية:
- كان أحمد عرابي قائداً للثورة العرابية التي اندلعت عام 1881، والتي تعتبر أول حركة وطنية منظمة في مصر الحديثة ضد الهيمنة الأجنبية والحكم الاستبدادي. قاد عرابي الثورة بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي والاستقلال الوطني، مما جعله رمزًا للنضال الوطني.
2. التصدي للتدخل الأجنبي:
- كانت الثورة العرابية رد فعل مباشر على التدخل الأجنبي المتزايد في شؤون مصر الداخلية، وخاصة الهيمنة البريطانية والفرنسية. قاد عرابي حركة مقاومة ضد هذا التدخل، وسعى لتحقيق استقلال مصر من النفوذ الأجنبي.
3. المطالب الإصلاحية:
- تضمنت مطالب عرابي ورفاقه في الثورة العرابية تحسين أوضاع الجيش المصري، وإصلاح الإدارة، وتفعيل الدستور، وضمان حقوق الشعب المصري في مواجهة الاستبداد. كانت هذه المطالب تشكل قاعدة للحركات الإصلاحية المستقبلية في مصر.
4. التأثير على الحركات الوطنية اللاحقة:
- ألهمت الثورة العرابية العديد من الحركات الوطنية والثورية في مصر وفي العالم العربي. كانت تمهيدًا لثورة 1919 ولحركة الضباط الأحرار عام 1952، حيث استلهم قادة تلك الحركات من أفكار وأهداف عرابي.
5. توعية الشعب المصري:
- أسهمت الحركة العرابية في توعية الشعب المصري بقضاياه الوطنية وحقوقه السياسية. ساعدت في تعزيز الوعي الوطني وأيقظت الشعور القومي بين المصريين، مما أدى إلى تصاعد المطالب بالاستقلال والإصلاح.
6. رمزية التحدي والكرامة الوطنية:
- أصبحت شخصية أحمد عرابي رمزًا للتحدي والكرامة الوطنية. جسدت ثورته روح المقاومة ضد الظلم والاستبداد، وأكدت على قدرة الشعب المصري على الوقوف في وجه القهر والطغيان.
7. التعليم والتطوير الذاتي:
- عرابي، بصفته قائدًا من أصول ريفية بسيطة، أظهر أنه بالإمكان تحقيق القيادة والتأثير من خلال التعليم والتطوير الذاتي، مما شكّل نموذجًا يُحتذى به للكثيرين من أبناء الشعب المصري.
8. الأثر الثقافي والتاريخي:
- تركت الثورة العرابية أثرًا دائمًا في الذاكرة الثقافية والتاريخية لمصر. تُدرس كجزء من المناهج التاريخية وتُذكر في الأدب والفنون، مما يساهم في استمرار تأثيرها على الأجيال الجديدة.
بإجمال، أحمد عرابي يمثل فصلًا هامًا في تاريخ مصر الحديث، حيث جمع بين القيادة الثورية، والمطالب الإصلاحية، والتصدي للتدخل الأجنبي، مما جعله شخصية تاريخية بارزة ومؤثرة في مسار النضال الوطني المصري.
3- ولادة ونشأة أحمد عرابي في محافظة الشرقية
وُلد أحمد عرابي (Ahmed Urabi) في 31 مارس 1841، في قرية هرية رزنة التابعة لمركز الزقازيق في محافظة الشرقية، مصر. كانت أسرته تنتمي إلى طبقة الفلاحين، وقد نشأ في بيئة ريفية بسيطة تتسم بالعمل الزراعي والكفاح اليومي من أجل لقمة العيش.
النشأة والتعليم
منذ صغره، تميز عرابي بذكائه ونشاطه، وقد حظي بدعم عائلته التي اهتمت بتعليمه. في تلك الفترة، كانت فرص التعليم محدودة، ولكن أسرة عرابي كانت مصممة على تعليمه، فتم إرساله إلى الكُتّاب في القرية لحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة.
تأثير البيئة الريفية
لعبت البيئة الريفية دوراً كبيراً في تشكيل شخصية أحمد عرابي، فقد نشأ في مجتمع يعاني من الفقر والظلم الاجتماعي، حيث كانت حياة الفلاحين تتسم بالكفاح ضد الفقر والاستبداد من قِبَل طبقة الحكام. هذه التجربة الحياتية المبكرة ساهمت في تشكيل وعيه الاجتماعي والسياسي، وزرعت فيه بذور الرغبة في التغيير والإصلاح.
التحاقه بالجيش
في سن مبكرة، قرر أحمد عرابي الالتحاق بالجيش المصري، وكانت تلك خطوة هامة في حياته. في ذلك الوقت، كان الجيش المصري يوفر فرصاً للفلاحين والشباب من الطبقات المتوسطة للتقدم والتطور المهني. التحق عرابي بالجيش عندما كان عمره 16 عامًا، وذلك في عام 1857، ليبدأ مسيرة طويلة من الخدمة العسكرية التي كانت مليئة بالتحديات والفرص.
تطور شخصيته القيادية
خلال خدمته في الجيش، تميز عرابي بالشجاعة والذكاء، وسرعان ما ترقى في الرتب العسكرية. بفضل كفاءته وقدرته على القيادة، أصبح محط تقدير واحترام زملائه وقادته، مما ساعده على بناء شبكة من العلاقات والروابط القوية داخل الجيش.
التعرف على الشخصيات الوطنية
خلال خدمته في الجيش، تأثر عرابي بعدة شخصيات وطنية وفكرية، ساهمت في تشكيل رؤيته وأفكاره حول الإصلاح والتغيير. تأثر بالتيارات الفكرية والوطنية التي كانت تنادي بالتحرر من الاستبداد والهيمنة الأجنبية، مما زاد من وعيه السياسي وألهب حماسه للعمل من أجل تحسين أوضاع بلاده.
الحياة الأسرية
على الصعيد الشخصي، تزوج أحمد عرابي وأنجب عدة أبناء، وكان يعيش حياة أسرية مستقرة نسبياً، موازناً بين واجباته العائلية ومهامه العسكرية والوطنية.
بهذا الشكل، شكلت ولادة ونشأة أحمد عرابي في محافظة الشرقية الأساس الذي بُنيت عليه شخصيته الوطنية والقيادية، والتي قادته لاحقاً إلى أن يكون رمزاً للنضال الوطني والإصلاح في مصر.
4- التعليم والتأثيرات المبكرة أحمد عرابي
التعليم
بدأ أحمد عرابي تعليمه في قرية هرية رزنة، حيث أرسلته أسرته إلى الكُتّاب لحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة. في الكُتّاب، تعلم عرابي الأساسيات الأولى التي كانت متاحة للأطفال في القرى المصرية في ذلك الوقت، والتي شملت القرآن، واللغة العربية، وبعض المبادئ الدينية.
لم تقتصر مسيرة عرابي التعليمية على الكُتّاب فقط، حيث أظهر نبوغًا وتميزًا دفعا والده إلى الحرص على تعليمه أكثر، مما أدى إلى التحاقه بالمدرسة الابتدائية بالزقازيق، حيث تلقى تعليمًا أوسع نطاقًا، مما ساعد في تعزيز معرفته وثقافته.
التأثيرات المبكرة
1. البيئة العائلية:
- وُلد عرابي في أسرة فلاحية تعمل في الزراعة، وكان والده شيخ القرية، مما جعله يعي منذ الصغر معنى المسؤولية وأهمية الوقوف مع أفراد المجتمع. الأسرة كانت متوسطة الحال، مما جعله قريبًا من هموم الطبقة الفلاحية والمشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الشعب المصري.
2. الحياة الريفية:
- النشأة في الريف المصري شكّلت شخصيته بشكل كبير. تأثر عرابي بالصعوبات التي واجهها الفلاحون من ظلم الملاك وفساد الإدارة، مما زرع فيه بذور الرغبة في تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح.
3. التعليم الديني:
- حفظ القرآن في الكُتّاب كان له أثر كبير في تشكيل وعيه الديني والأخلاقي، حيث غرست فيه القيم الإسلامية والعدالة والمساواة. التعليم الديني لم يكن مقتصرًا على حفظ النصوص فقط، بل شمل أيضًا مبادئ الأخلاق والسلوكيات الحميدة.
4. الانخراط في الجيش:
- التحاقه بالجيش في سن مبكرة (16 عامًا) كان نقطة تحول رئيسية في حياته. بدأ عرابي خدمته العسكرية في الجيش المصري عام 1857، حيث تلقى تدريبًا عسكريًا صارمًا، واكتسب مهارات القيادة والانضباط. في الجيش، تعرف عرابي على العديد من الشخصيات الوطنية التي كانت تسعى إلى تحقيق الإصلاح في مصر.
5. التفاعل مع التيارات الفكرية:
- خلال فترة خدمته العسكرية، تأثر عرابي بعدة تيارات فكرية وطنية وإصلاحية. تعرف على أفكار الإصلاح والتغيير من خلال علاقاته مع زملائه الضباط وبعض المثقفين الذين كانوا يترددون على الجيش. هذه التأثيرات الفكرية شحذت رؤيته الوطنية وزادت من وعيه بأهمية التحرك الجماعي لتحقيق العدالة والإصلاح.
6. التجارب الشخصية:
واجه عرابي في حياته العسكرية العديد من التحديات والصعوبات التي صقلت شخصيته وزادت من إصراره على مواجهة الظلم. تجربته الشخصية في الجيش، حيث عانى من التمييز العنصري بين الضباط المصريين والأتراك والشركس، جعلته يدرك ضرورة الوحدة الوطنية والعمل الجماعي من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.
شكلت هذه العوامل مجتمعة الأساس الذي بنيت عليه شخصية أحمد عرابي القيادية والوطنية. من التعليم الديني في الكُتّاب إلى التأثيرات الفكرية التي تلقاها في الجيش، مرورًا بالتجارب الشخصية في بيئته الريفية والعسكرية، كل هذه العناصر أسهمت في صياغة وعيه الوطني وتحفيزه على قيادة الحركة العرابية والإصلاحية في مصر.
5- انخراط أحمد عرابي في الجيش المصري
التحق أحمد عرابي بالجيش المصري في عام 1857، عندما كان في السادسة عشرة من عمره. كان انضمامه للجيش نقطة تحول مهمة في حياته، حيث بدأ مسيرته العسكرية التي استمرت لعدة عقود وشهدت تطورات عديدة. كانت هذه الخطوة جزءًا من سياسة الانفتاح على أبناء الفلاحين في الجيش، وهي سياسة بدأت في عهد محمد علي باشا وأتبعت في عهد خلفائه.
التدريب العسكري
خلال فترة خدمته، تلقى عرابي تدريبًا عسكريًا صارمًا وشاملاً، وهو ما كان ضروريًا لأي جندي في الجيش المصري في ذلك الوقت. تميز عرابي بسرعة استيعابه للمعلومات والمهارات العسكرية، وبرز كجندي موهوب وشجاع. هذا التفوق جعله يلفت انتباه رؤسائه، مما ساعده في الترقي بسرعة في الرتب العسكرية.
الترقي في الرتب
بفضل كفاءته وشجاعته، ترقى أحمد عرابي في الرتب العسكرية بوتيرة سريعة. بدأ كجندي عادي، لكنه سرعان ما أصبح ضابطًا بعد أن أظهر قدراته القيادية ومهاراته العسكرية. بحلول أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، كان قد وصل إلى رتبة أميرالاي (عقيد).
الظروف المحيطة
خدم أحمد عرابي في فترة كانت مليئة بالتحديات والتغيرات السياسية. شهدت مصر خلال تلك الفترة صراعات داخلية وخارجية، بما في ذلك تدخل القوى الأجنبية وتزايد النفوذ البريطاني والفرنسي في الشؤون المصرية. هذه الظروف دفعت عرابي وزملاءه إلى التفكير في ضرورة الإصلاح والتغيير لمواجهة التحديات وتحقيق استقلال البلاد.
النشاط الوطني
لم يكن عرابي مجرد ضابط عسكري، بل كان أيضًا ناشطًا وطنيًا يسعى لتحقيق الإصلاحات الضرورية في الجيش وفي البلاد ككل. شكل عرابي وزملاؤه من الضباط الوطنيين جمعية وطنية داخل الجيش بهدف مواجهة التمييز والعنصرية التي كانت تمارس ضد الضباط المصريين مقارنةً بالضباط الأتراك والشركس. كان هذا النشاط جزءًا من حركة أوسع لتحقيق العدالة والمساواة في الجيش والمجتمع المصري.
الثورة العرابية
بلغت جهود عرابي الإصلاحية ذروتها في عام 1881، عندما قاد ما أصبح يعرف بالثورة العرابية. بدأت الثورة بمطالب إصلاحية داخل الجيش، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة شعبية واسعة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي ومقاومة التدخل الأجنبي. قدم عرابي مطالب الثورة إلى الخديوي توفيق، وكان أبرزها إقامة دستور يحمي حقوق المصريين ويحد من استبداد الحكام.
معركة التل الكبير
كانت معركة التل الكبير في سبتمبر 1882 نقطة فاصلة في حياة عرابي ومسيرته العسكرية. قاد عرابي القوات المصرية في مواجهة القوات البريطانية التي تدخلت لقمع الثورة. انتهت المعركة بهزيمة القوات المصرية واعتقال عرابي ورفاقه، ما أدى إلى نهاية الثورة العرابية وبداية الاحتلال البريطاني لمصر.
المحاكمة والنفي
بعد هزيمته، تمت محاكمة أحمد عرابي وصدر الحكم بنفيه إلى جزيرة سيلان (سريلانكا الحالية). قضى عرابي نحو 19 عامًا في المنفى، حيث عاش في ظروف صعبة لكنه ظل متمسكًا بمبادئه وأفكاره الوطنية. عاد إلى مصر في عام 1901 بعد العفو عنه، وقضى بقية حياته في القاهرة حتى وفاته في 21 سبتمبر 1911.
كان انخراط أحمد عرابي في الجيش المصري بداية لمسيرة حافلة بالتحديات والإنجازات. من جندي بسيط إلى قائد ثوري، لعب عرابي دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق المصريين ومقاومة الهيمنة الأجنبية. تجربته العسكرية والنضالية جعلت منه رمزًا للنضال الوطني والإصلاح في تاريخ مصر الحديث.
6- ترقية أحمد عرابي في الرتب العسكرية
أحمد عرابي (Ahmed Urabi) هو واحد من الشخصيات البارزة في تاريخ مصر، وقد لعبت ترقياته العسكرية دورًا حاسمًا في مسيرته. بدأت رحلته العسكرية في الجيش المصري في عام 1857، حيث التحق كجندي بسيط وتدرج في الرتب بفضل شجاعته وكفاءته.
البداية كجندي
عندما التحق أحمد عرابي بالجيش المصري في سن السادسة عشرة، بدأ كجندي بسيط. كان الجيش في ذلك الوقت يعاني من التمييز بين الجنود والضباط المصريين وبين الجنود والضباط الأتراك والشركس الذين كانوا يتمتعون بامتيازات أكبر. هذه البيئة التمييزية لم تمنع عرابي من إثبات جدارته وكفاءته في مختلف المهام التي أوكلت إليه.
الترقية إلى رتبة ضابط
بفضل أدائه المتميز وشجاعته في ساحات القتال، تمت ترقية عرابي إلى رتبة ملازم. كانت هذه الترقية نقطة تحول مهمة في حياته المهنية، حيث بدأت تتسع دائرة مسؤولياته وتأثيره. استمر عرابي في تقديم أداء استثنائي، مما ساعده على الترقي بسرعة في الرتب العسكرية.
رتبة أميرالاي (عقيد)
مع مرور الوقت، واصل عرابي التقدم في الرتب العسكرية وصولاً إلى رتبة أميرالاي (عقيد)، وهي رتبة رفيعة تعكس مدى كفاءته واحترام رؤسائه له. كان وصوله إلى هذه الرتبة بمثابة اعتراف رسمي بقدراته القيادية والعسكرية، وفتح له المجال للمشاركة في اتخاذ قرارات هامة داخل الجيش.
الأدوار القيادية
في هذه الفترة، شارك عرابي في العديد من العمليات العسكرية والإدارية الهامة. أظهر قدرة فائقة على القيادة وإدارة الفرق العسكرية، مما أكسبه احترام وتقدير زملائه وضباطه. بصفته عقيدًا، كان عرابي مسؤولًا عن تدريب الجنود وإعدادهم للمعارك، وكذلك المشاركة في التخطيط الاستراتيجي للعمليات العسكرية.
النشاط الوطني والإصلاحي
بصفته ضابطًا رفيع المستوى، لم يكن عرابي مجرد قائد عسكري بل كان أيضًا ناشطًا وطنيًا يسعى للإصلاح داخل الجيش والمجتمع. قاد حركة داخل الجيش تهدف إلى مقاومة التمييز العنصري بين الضباط المصريين وغير المصريين، وسعى لتحقيق المساواة والعدالة بين جميع أفراد الجيش. كانت هذه الجهود الإصلاحية جزءًا من حراك أوسع في المجتمع المصري يهدف إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي.
الثورة العرابية
بلغت جهود عرابي الإصلاحية ذروتها عندما قاد الثورة العرابية في عام 1881، التي طالبت بإصلاحات سياسية واجتماعية واسعة النطاق. تقدم عرابي وزملاؤه بمطالبهم إلى الخديوي توفيق، مطالبين بإقامة دستور يضمن حقوق المصريين ويحد من استبداد الحكام. على الرغم من أن هذه الحركة بدأت كمطالب داخل الجيش، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى حركة شعبية واسعة.
نهاية مسيرته العسكرية
انتهت مسيرة أحمد عرابي العسكرية بنهاية الثورة العرابية وهزيمته في معركة التل الكبير في سبتمبر 1882 أمام القوات البريطانية. عقب الهزيمة، تم اعتقال عرابي ونفيه إلى جزيرة سيلان (سريلانكا الحالية)، حيث قضى نحو 19 عامًا في المنفى قبل أن يُسمح له بالعودة إلى مصر في عام 1901. عاش عرابي سنواته الأخيرة في القاهرة حتى وفاته في 21 سبتمبر 1911.
كانت ترقيات أحمد عرابي في الرتب العسكرية دليلاً على شجاعته وكفاءته، وأتاحت له الفرصة للعب دور محوري في تاريخ مصر. من جندي بسيط إلى قائد ثوري، شكلت مسيرته العسكرية أساسًا لنضاله الوطني والإصلاحي، وجعلت منه رمزًا للنضال من أجل العدالة والمساواة في مصر.
7- تأثير أحمد عرابي على الجيش وسياساته
أحمد عرابي (Ahmed Urabi) يعد من الشخصيات البارزة في التاريخ المصري، حيث لعب دورًا محوريًا في تطوير الجيش المصري وسياساته خلال فترة خدمته العسكرية، ولا سيما في الفترة التي سبقت وأثناء الثورة العرابية (1881-1882). أثرت أفكاره وإصلاحاته بشكل كبير على الجيش المصري، وساهمت في تشكيل مسار الأحداث السياسية في مصر.
1. مقاومة التمييز العرقي والإثني
عند التحاق أحمد عرابي بالجيش، كانت هناك تفرقة واضحة بين الضباط المصريين وضباط الجاليات الأجنبية، خاصة الأتراك والشركس. كان هؤلاء الضباط الأجانب يحتلون المناصب العليا ويتمتعون بامتيازات كبيرة مقارنة بالمصريين. أدرك عرابي وأقرانه هذه التفرقة وأثرها السلبي على الروح المعنوية والانضباط داخل الجيش. قاد عرابي حملة داخل الجيش لمناهضة هذا التمييز، مطالبًا بالمساواة في الترقيات والحقوق بين جميع الضباط، بغض النظر عن أصولهم العرقية.
2. تعزيز الروح الوطنية
أدرك عرابي أهمية تعزيز الروح الوطنية بين صفوف الجيش المصري، فعمل على تحفيز الجنود والضباط على الشعور بالانتماء الوطني والولاء لمصر، بدلاً من الولاء الشخصي للخديوي أو النفوذ الأجنبي. شجعت هذه الروح الوطنية الجنود على الشعور بالفخر والاعتزاز بخدمة وطنهم، مما ساهم في تقوية الجيش وزيادة تماسكه.
3. المطالبة بالإصلاحات العسكرية
بفضل موقعه في الجيش وترقياته المتتالية، استطاع عرابي المطالبة بإصلاحات عسكرية هامة. تضمنت هذه الإصلاحات تحسين ظروف الخدمة للجنود والضباط، وزيادة الرواتب، وتوفير الدعم اللوجستي والتدريب اللازم. كانت هذه الإصلاحات تهدف إلى رفع كفاءة الجيش المصري وجعله قادرًا على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بفعالية أكبر.
4. قيادة الثورة العرابية
بلغ تأثير عرابي ذروته عندما قاد الثورة العرابية في عام 1881. بدأت هذه الثورة بمطالب داخل الجيش، لكنها سرعان ما تطورت إلى حركة شعبية تطالب بالإصلاحات السياسية والاجتماعية الواسعة. تضمنت المطالب الأساسية للثورة إقامة دستور يضمن حقوق المصريين، وتقليص سلطة الخديوي المطلقة، ومواجهة النفوذ الأجنبي المتزايد في البلاد. تمثلت القيادة العسكرية للثورة في رغبة عرابي وزملائه في تحقيق استقلال الجيش عن التدخلات الأجنبية وجعله جيشًا وطنيًا يخدم مصالح البلاد.
5. التأثير على السياسة المصرية
كانت الثورة العرابية أول حركة وطنية منظمة تسعى لتحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية في مصر. على الرغم من أن الثورة انتهت بهزيمة عرابي ونفيه، إلا أنها أثرت بشكل كبير على الوعي السياسي للمصريين وشجعت على بروز حركات وطنية لاحقة. أبرزت الثورة أهمية الجيش كمؤسسة وطنية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في السياسة والمجتمع، وليس فقط كقوة عسكرية.
6. تأثير طويل الأمد
على الرغم من قمع الثورة ونفي قادتها، فإن الأفكار والمطالب التي طرحتها الثورة العرابية استمرت في التأثير على الحركات الوطنية والإصلاحية في مصر لعقود لاحقة. ساهمت مطالب عرابي بالإصلاح والمساواة في تشكيل الأجندة الوطنية المصرية، ومهدت الطريق لمزيد من الحركات التي سعت إلى تحقيق استقلال مصر وإصلاح نظامها السياسي.
كان تأثير أحمد عرابي على الجيش وسياساته كبيرًا وعميقًا، حيث ساهم في مقاومة التمييز وتعزيز الروح الوطنية والمطالبة بالإصلاحات. قادته جهوده إلى الثورة العرابية، التي على الرغم من هزيمتها، إلا أنها تركت إرثًا هامًا في الوعي الوطني المصري والسياسات العسكرية. تعد الثورة العرابية نقطة تحول في التاريخ المصري، مشيرة إلى بداية النضال المنظم من أجل الاستقلال والعدالة الاجتماعية.
8 - الثورة العرابية
الثورة العرابية هي حركة وطنية قادها أحمد عرابي (Ahmed Urabi) وضباط آخرون في الجيش المصري في أواخر القرن التاسع عشر، ضد الحكم الخديوي الفاسد والتدخل الأجنبي في شؤون مصر. بدأت الثورة بمطالب إصلاحية في الجيش وسرعان ما تحولت إلى حركة شعبية واسعة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية.
أسباب الثورة
1. التمييز في الجيش
- كان الجيش المصري يعاني من تمييز عنصري واضح بين الضباط المصريين وضباط الجاليات الأجنبية، خصوصًا الأتراك والشركس. كان هؤلاء الضباط الأجانب يحتلون المناصب العليا ويتمتعون بامتيازات كبيرة، مما أثار استياء الضباط المصريين.
2. الفساد والإدارة السيئة
- عانى المصريون من سوء إدارة وفساد الحكام الخديويين، وخاصة في عهد الخديوي توفيق. كان الفساد الإداري واستغلال السلطة سمة بارزة، مما زاد من معاناة الشعب المصري.
3. الديون والتدخل الأجنبي
- زادت ديون مصر الخارجية نتيجة السياسات المالية غير المسؤولة للخديويين، مما أدى إلى تدخل القوى الأجنبية، خصوصًا بريطانيا وفرنسا، في الشؤون المصرية. تسبب هذا التدخل في استياء واسع بين المصريين، الذين رأوا في ذلك مسًّا بسيادة بلادهم واستقلالها.
مسار الثورة
1. بداية الحركة
- بدأت الحركة العرابية داخل الجيش عندما تقدم أحمد عرابي وزملاؤه بمطالبهم إلى الخديوي توفيق في عام 1881. تضمنت هذه المطالب إصلاحات في الجيش ومساواة الضباط المصريين بالأجانب.
2. التوسع إلى حركة شعبية
- سرعان ما امتدت المطالب العسكرية لتشمل مطالب شعبية أوسع، تضمنت الدعوة إلى إقامة دستور يضمن حقوق المصريين، وتقليص سلطة الخديوي، ومواجهة النفوذ الأجنبي المتزايد.
3. المواجهات مع الخديوي
- أدت المواجهات بين العرابيين والخديوي إلى تصاعد التوترات، وتدخلت بريطانيا لدعم الخديوي وحماية مصالحها في مصر.
4. معركة التل الكبير
- بلغت الأحداث ذروتها في معركة التل الكبير في سبتمبر 1882، حيث واجهت القوات المصرية بقيادة أحمد عرابي القوات البريطانية. انتهت المعركة بهزيمة القوات المصرية واحتلال البريطانيين لمصر.
نتائج الثورة
1. الهزيمة والاحتلال البريطاني
- أسفرت الهزيمة في معركة التل الكبير عن احتلال بريطانيا لمصر، والذي استمر حتى منتصف القرن العشرين.
2. محاكمة ونفي القادة
- تمت محاكمة أحمد عرابي ورفاقه بتهمة العصيان ونُفوا إلى جزيرة سيلان (سريلانكا الحالية). قضى عرابي في المنفى حوالي 19 عامًا قبل أن يُسمح له بالعودة إلى مصر في عام 1901.
3. الإرث الوطني
- رغم الهزيمة، أثرت الثورة العرابية بشكل كبير على الوعي الوطني المصري. كانت الثورة نقطة تحول في نضال المصريين من أجل الاستقلال والعدالة، وألهمت حركات وطنية لاحقة.
تعد الثورة العرابية حدثًا مهمًا في التاريخ المصري، حيث مثلت أول حركة وطنية منظمة تهدف إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي ومقاومة التدخل الأجنبي. على الرغم من هزيمتها العسكرية، إلا أن الثورة تركت إرثًا دائمًا في الوعي الوطني المصري وأسهمت في تشكيل الحركات الوطنية التي سعت لاحقًا لتحقيق استقلال مصر والإصلاح السياسي.
9 - الأسباب والدوافع وراء الثورة العرابية أحمد عرابي
1. التمييز العسكري والاجتماعي
- كان هناك تمييز واضح بين الضباط المصريين والأجانب في الجيش المصري، حيث كان الأجانب يتمتعون بالمناصب العليا والامتيازات، بينما كان الضباط المصريون يعانون من الاضطهاد والتهميش.
2. الفساد الحكومي والاقتصادي
- كانت حكومة الخديوي توفيق متورطة في فساد مالي وإداري، حيث كان هناك استغلال للسلطة وتهميش لحقوق المصريين. تفاقمت هذه المشكلة مع التدخلات الأجنبية في الشؤون المصرية.
3. الاضطهاد الثقافي والديني
- شهدت فترة حكم الخديوي توفيق اضطهادًا ثقافيًا ودينيًا للمصريين، حيث تم تقييد حرية التعبير وممارسة الدين، مما أثار غضب الطبقات الشعبية.
4. المطالبة بالاستقلال والحرية
- زاد الوعي الوطني بين المصريين بفضل التعليم وانتشار الفكر الوطني، مما دفع الكثيرين للمطالبة بالاستقلال والحرية والتخلص من الاستعمار والتدخلات الأجنبية.
5. تحريض النخبة الوطنية
- كان هناك تحريض من قبل النخبة الوطنية والمثقفين والعلماء ضد الظلم والاستبداد، مما أدى إلى تأجيج الغضب الشعبي وتشكيل قوة دافعة للتغيير.
6. الأوضاع الاقتصادية السيئة
- كانت الأوضاع الاقتصادية للمصريين سيئة، حيث كان هناك فقر وجوع وبطالة، مما دفع الكثيرين إلى المطالبة بإصلاحات اقتصادية واجتماعية.
7. التأثيرات الدولية
- استفزت التدخلات الأجنبية الدولية في شؤون مصر الوطنية الشعور بالاستعباد والتدخل، مما أشعل حماس الشعب المصري للمطالبة بالحرية والاستقلال.
8. القيادة الوطنية لأحمد عرابي
- كان أحمد عرابي قائدًا موهوبًا وشجاعًا، نجح في تجميع القوى الوطنية وتوجيه غضب الشعب نحو التغيير والإصلاح.
10- المطالب التي قادها أحمد عرابي الثورة العرابية
أحمد عرابي قاد الثورة العرابية بقيادة عسكرية وشعبية، حيث كان له دور بارز في تحريك الشعب المصري ضد الاستعمار البريطاني والحكم الخديوي الفاسد. من بين المطالب التي قادها أحمد عرابي خلال الثورة العرابية:
1. مساواة الضباط المصريين بالأجانب في الجيش:
كانت واحدة من المطالب الأساسية التي قادت إلى بروز الثورة. طالب عرابي بإنصاف الضباط المصريين ومنحهم المكانة والمكافآت التي تستحقها، متمثلاً في تقدمهم في الرتب العسكرية والمناصب العسكرية.
2. إقامة دولة مستقلة وحكم دستوري:
كانت هناك مطالب بإقامة دولة مستقلة تتمتع بسيادة واستقلالية كاملة عن النفوذ الأجنبي. طالب عرابي بحكم دستوري يضمن حقوق المواطنين ويضع قوانين تحافظ على حرياتهم الأساسية.
3. مواجهة الفساد الحكومي والإداري:
كانت هناك دعوات لمحاسبة المسؤولين عن الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والمالية. كانت هذه المطالب تتعلق بضرورة تحسين إدارة الحكومة ومكافحة الفساد في البلاد.
4. تقليص النفوذ الأجنبي:
كانت هناك مطالب بتقليص التدخلات الأجنبية في شؤون مصر، وخاصة من قبل الدول الاستعمارية مثل بريطانيا. كانت هذه المطالب تشمل استعادة سيادة مصر وتحريرها من النفوذ الأجنبي.
5. تحسين ظروف المعيشة والعمل:
كانت هناك دعوات لتحسين ظروف المعيشة والعمل للطبقات الشعبية، وتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.
بإشراف أحمد عرابي، تحولت هذه المطالب إلى حركة ثورية شاملة، انطلقت من الجيش وامتدت إلى الشعب المصري بأسره، وأدت في النهاية إلى الثورة العرابية ضد الحكم الخديوي والاحتلال البريطاني.
11 - الدور البارز لأحمد عرابي في الثورة
أحمد عرابي كان له دور بارز وحيوي في الثورة العرابية، حيث كان قائدًا وشخصية محورية في تحريك الشعب المصري ضد الحكم الخديوي الفاسد والاستعمار البريطاني. إليك بعض الجوانب البارزة لدور أحمد عرابي في هذه الثورة:
1. قيادة الجيش المصري:
كان أحمد عرابي ضابطًا في الجيش المصري، وقادة لتمرد داخل الجيش ضد الفساد والتمييز الذي كان يمارس ضد الضباط المصريين. بفضل موقعه العسكري، استطاع عرابي أن يجمع الضباط المصريين ويوجههم نحو هدف مشترك.
2. توسيع الحركة إلى الشعب:
لم يقتصر دور عرابي على الجيش فقط، بل استطاع أن يوسع نطاق الحركة الثورية لتشمل الشعب المصري بأسره. من خلال دعواته إلى العدالة الاجتماعية والمساواة، نجح في جذب دعم الطبقات الشعبية وتشجيعها على المشاركة في الثورة.
3. الإلهام والتحفيز:
كان عرابي شخصية ملهمة وقائدًا ذو شجاعة وإرادة قوية، مما جعله مصدر إلهام للكثيرين داخل الجيش وخارجه. كان يعتبر قدوة للمقاتلين ورمزًا للتضحية والنضال من أجل الحرية والكرامة.
4. التنظيم والتخطيط:
قاد عرابي الثورة بشكل مدروس ومنظم، حيث قام بتنظيم الضباط والجنود تحت قيادته ووجههم نحو الأهداف المشتركة. كان لديه رؤية واضحة للتغيير والإصلاح، وعمل على تحقيقها بخطى ثابتة.
5. المفاوضات والتواصل:
لم يكن عرابي مجرد زعيم عسكري، بل كان أيضًا قادرًا على التواصل والتفاوض مع القوى السياسية والعسكرية الأخرى، سواء داخل مصر أو خارجها، بهدف تعزيز دعم الثورة وتحقيق أهدافها.
بفضل هذه الجوانب والمزايا، نجح أحمد عرابي في قيادة الثورة العرابية وتحويلها من حركة احتجاجية إلى ثورة شعبية وطنية، وترك بصمة عميقة في تاريخ مصر والمنطقة بأسرها.
12 - موقف الخديوي توفيق والحكومة البريطانية من أحمد عرابي
موقف الخديوي توفيق والحكومة البريطانية من أحمد عرابي وثورته كان متناقضًا ومتشعبًا:
1. رد الخديوي توفيق:
في البداية، رفض الخديوي توفيق التعامل بجدية مع مطالب أحمد عرابي والضباط الثائرين. وقد أعلن الخديوي حالة الطوارئ وأمر بمحاصرة المتمردين.
لكن مع تصاعد الثورة وتوسع دائرتها لتشمل الشعب المصري بأسره، أدرك الخديوي توفيق أنه يجب التعامل بجدية مع المطالب الوطنية، وقدم بعض الاعترافات والتنازلات لتهدئة الأوضاع.
2. رد الحكومة البريطانية:
في البداية، دعمت الحكومة البريطانية الخديوي توفيق وسعت لحماية مصالحها في مصر. وقد حاولت الحكومة البريطانية السيطرة على الوضع من خلال تقديم الدعم العسكري والسياسي للخديوي.
ومع تصاعد الثورة وتنامي شعبيتها وتأثيرها، اضطرت الحكومة البريطانية إلى إعادة النظر في سياستها تجاه الخديوي توفيق وأحمد عرابي. بدأت بالتفاوض مع الخديوي والضباط المتمردين في محاولة للتوصل إلى حل سلمي يلبي مطالب الشعب المصري ويضمن مصالح بريطانيا في المنطقة.
بشكل عام، يمكن القول إن موقف الخديوي توفيق والحكومة البريطانية تغير مع تطور الأحداث، حيث اضطرا لمواجهة الواقع المتغير وضغوط الشعب والضباط المتمردين.
13 - معركة التل الكبير أحمد عرابي
معركة التل الكبير هي واحدة من أهم المعارك التي خاضتها القوات المصرية بقيادة أحمد عرابي خلال الثورة العرابية ضد الاحتلال البريطاني وحكم الخديوي في مصر. وقعت هذه المعركة في 13 سبتمبر 1882، وكانت نقطة تحول هامة في مسار الثورة. إليك بعض المعلومات حول معركة التل الكبير:
1. السياق التاريخي:
في أعقاب انتفاضة الضباط المصريين بقيادة أحمد عرابي، اشتدت المواجهات بين الثوار المصريين والقوات البريطانية. وتصاعدت التوترات حتى وصلت إلى ذروتها في معركة التل الكبير.
2. المكان:
وقعت المعركة في منطقة التل الكبير بالقرب من الإسكندرية في مصر.
3. التكتيكات والتطورات:
اعتمدت القوات المصرية تكتيكات الدفاع المرتكز على الحواجز والمواقع المحصنة.
نجحت القوات المصرية بقيادة أحمد عرابي في صد هجمات القوات البريطانية لعدة ساعات.
لكن في النهاية، استخدمت القوات البريطانية تكتيكات التحرك السريع والقوة النارية لتجاوز الدفاعات المصرية واستعادة المبادرة.
4. النتائج:
انتهت معركة التل الكبير بانتصار القوات البريطانية وسقوط القوات المصرية. وقد أسفرت هذه المعركة عن خسائر كبيرة في صفوف الجيش المصري وتسببت في تراجع حركة الثورة العرابية بشكل مؤقت.
بعد المعركة، اعتقلت القوات البريطانية أحمد عرابي وأعضاء آخرين من القيادات الثائرة، وأنهت فعليًا فترة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال البريطاني.
معركة التل الكبير كانت محطة مهمة في تاريخ الصراع الوطني المصري، ورغم هزيمة القوات المصرية فيها، إلا أنها لم تكسر إرادة الشعب المصري في النضال من أجل الحرية والاستقلال.
14 - أثار الهزيمة على الثورة العرابية
آثار الهزيمة في معركة التل الكبير على الثورة العرابية كانت واضحة وملموسة على عدة جوانب:
1. تأثير نفسي ومعنوي:
سقوط التل الكبير كان ضربة قاسية للمعنويات والروح القتالية للقوات المصرية وللشعب المصري بشكل عام. فقد شعر الثوار بخيبة الأمل والإحباط نتيجة للهزيمة الكبيرة.
2. تقويض الثقة في القيادة:
بعد الهزيمة، تقوضت الثقة في قيادة الحركة العرابية، وبخاصة في قدرة أحمد عرابي على قيادة الثورة وتحقيق النصر. وهذا أدى إلى تقليص التأثير السياسي والشعبي للحركة.
3. تشتت القوات والتنظيم:
على إثر الهزيمة، بدأت القوات الثائرة في التشتت والتفكك، وتضاءل التنظيم العسكري للثورة. فقد أدت الخسارة إلى ضعف الروابط العسكرية والتنسيق بين القادة والجنود.
4. تعزيز القمع البريطاني:
استغلت السلطات البريطانية الهزيمة في معركة التل الكبير لتكثيف حملات القمع والاضطهاد ضد النشطاء السياسيين والمتمردين المصريين، وهو ما أدى إلى انحسار الحركة الثورية وقمع أصوات المعارضة.
5. تأجيل الاستقلال والتغيير:
كان لهذه الهزيمة تأثير سلبي على مسار النضال الوطني والسعي نحو الاستقلال والتغيير في مصر، حيث تأجل تحقيق هذه الأهداف إلى وقت لاحق بعد تجاوز العقبات واستعادة القوة والتنظيم.
بالرغم من هذه الآثار السلبية، فإن الهزيمة في معركة التل الكبير لم تقض على روح الثورة العرابية بل أعطت دفعًا جديدًا للاستمرار في النضال من أجل الحرية والاستقلال، وألهمت الشعب المصري للمضي قدمًا في طريق التحرير.
15 - المنفى والمحاكمة أحمد عرابي
بعد هزيمة ثورته في معركة التل الكبير، تم اعتقال أحمد عرابي وعدد من القادة الثائرين الآخرين. بعد ذلك، أدين أحمد عرابي بالخيانة العسكرية والتمرد على الحكومة. وفي 27 نوفمبر 1882، تم إعلان حكم الإعدام عليه، ولكن تم تخفيف العقوبة للسجن المؤبد.
بالنسبة للمنفى، فقد تم نقل عرابي إلى السودان، حيث قضى بقية حياته في النفي في مدينة ودمدني. ومن هناك، كتب عرابي العديد من الرسائل والمقالات التي انتقد فيها الحكم البريطاني ودعا إلى استعادة الحرية والاستقلال لمصر. في 21 سبتمبر 1911، توفي أحمد عرابي في المنفى بسبب سوء الأحوال الصحية، وقد دفن في مدينة ودمدني.
16 - نفي أحمد عرابي
بعد هزيمته في معركة التل الكبير وقيام الاحتلال البريطاني بقمع ثورته، تم اعتقال أحمد عرابي وعدد من القادة الثائرين الآخرين. تم إدانتهم بتهم الخيانة العسكرية والتمرد على الحكومة البريطانية. في 27 نوفمبر 1882، أصدرت السلطات البريطانية حكم الإعدام على عرابي وبعض القادة الآخرين، ولكن تم تخفيف العقوبة للسجن المؤبد.
تم نقل عرابي بعد ذلك إلى السودان حيث قضى بقية حياته في المنفى. في المنفى، استمر في نضاله ضد الاحتلال البريطاني ودعواته إلى استعادة الحرية والاستقلال لمصر. توفي أحمد عرابي في المنفى في 21 سبتمبر 1911، ودُفن في مدينة ودمدني بالسودان.
17 - حياة أحمد عرابي في المنفى
أحمد عرابي قضى سنوات المنفى في السودان، حيث أمضى بقية حياته بعد هزيمته في معركة التل الكبير. خلال فترة المنفى، استمر عرابي في نضاله ضد الاحتلال البريطاني ودعواته إلى استعادة الحرية والاستقلال لمصر. قضى عرابي فترة المنفى في ودمدني، مدينة شمال السودان.
في المنفى، كان عرابي يواصل نشاطه السياسي والثوري عبر الكتابة والمراسلات. كان يتواصل مع أنصاره والثوار المصريين من خلال رسائله ومقالاته التي كتبها من المنفى. بالرغم من القيود المفروضة عليه، إلا أنه استمر في التأثير والتأمل في مستقبل مصر ومسار النضال من أجل الحرية والاستقلال.
تأثرت حياة عرابي في المنفى بالشتات والاغتراب عن بلده، ولكنه استمر في الدفاع عن قضيته ومبادئه ومحاربة الاستعمار بكل الوسائل المتاحة له، سواء من خلال الكتابة أو التواصل مع الثوار. توفي عرابي في المنفى في 21 سبتمبر 1911، وقد دُفن في مدينة ودمدني حيث قضى سنوات طويلة من حياته.
18 - عودة أحمد عرابي إلى مصر؟
بالنسبة لعودة أحمد عرابي إلى مصر، فإنه لم يعُد إلى مصر بعد فترة المنفى في السودان. بعد هزيمته في معركة التل الكبير وإدانته بالتمرد والخيانة العسكرية، بقي في المنفى حتى وفاته في عام 1911. ومع ذلك، تبقى ذكرى ونضال أحمد عرابي حية في تاريخ مصر، حيث يُعتبر رمزًا للنضال ضد الاستعمار والقمع وللسعي نحو الحرية والاستقلال.
19 - سنوات أحمد عرابي الأخيرة ونشاطاته
في السنوات الأخيرة من حياة أحمد عرابي، وخلال فترة المنفى في السودان، استمر في نشاطه السياسي والثوري، على الرغم من القيود التي فرضت عليه. كان يواصل التواصل مع مؤيديه والثوار المصريين من خلال الكتابة والمراسلات، معبّرًا عن مواقفه وأفكاره ومبادئه.
تأثرت النشاطات الأخيرة لأحمد عرابي بالشتات والاغتراب عن بلده، حيث كان يعيش في بيئة غير مألوفة بعيدًا عن أرضه وأهله. لكنه استمر في الدفاع عن قضيته ومبادئه ومحاربة الاستعمار بكل الوسائل المتاحة له. قد تكونت شبكات اتصال مع النشطاء والسياسيين المصريين والعربيين، وكان يسعى للتأثير على الأحداث في بلاده وتشكيل الرأي العام من خلال كتاباته ومواقفه.
توفي أحمد عرابي في المنفى في 21 سبتمبر 1911، وقد دُفن في مدينة ودمدني بالسودان، وبذلك انتهت السيرة الحافلة لهذا الزعيم الذي كان من أبرز شخصيات النضال ضد الاستعمار البريطاني في مصر.
خاتمة أحمد عرابي
خاتمة حياة أحمد عرابي تُعتبر نهاية حقبة من النضال والتضحية من أجل الحرية والاستقلال. رغم أنه لم يتمكن من رؤية تحقيق أهدافه خلال حياته، إلا أن إرثه وتضحياته تظل حاضرة في الذاكرة الوطنية المصرية. كانت حياته مليئة بالتضحية والشجاعة، حيث قاد ثورة ضد الاستعمار البريطاني وسعى جاهدًا لتحقيق الحرية والكرامة لشعبه.
رغم ألم الهزيمة ومرارة المنفى، إلا أن عرابي بقي صمام الأمان للثوار ورمزًا للصمود والعزيمة في مواجهة الظلم والاستبداد. برحيله، انتهت حياة قائد كبير وشخصية استثنائية، لكن ذكراه ستظل خالدة في قلوب الأجيال وستستمر في إلهام النضال من أجل العدالة والحرية في مصر والعالم العربي.
إقرأ أيضا مقال تكميلي
- الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للفترة (1848-1952) في مصر.رابط
- الحملة الفرنسية على مصر وملابساتها-الشرق الأوسط . رابطرابط
- أسباب ودوافع ثورة يوليو ونهاية الخديوية في مصر . رابط
- أسباب الاحتلال البريطاني على تاريخ مصر . رابطرابط
- الخديوي إسماعيل الحكم سياساته و إصلاحاته وتأثيرات الإصلاحات .رابط
- الحركات الوطنية والاستقلالية في مصر في الفترة الخديوية .رابط
- السياسة البريطانية في مصر و إدارة المستعمرات وتأثيرها .رابط
- القادة الوطنيون ودورهم في النضال من أجل الاستقلال . رابط
- الحملة الفرنسية على مصر وملابساتها-الشرق الأوسط .رابط
- نبذة حول محمد علي باشا وبناء الدولة الحديثة في مصر . رابط
- الشرق الأوسط . رابط
- الثورة العرابية على الحركة الوطنية المصرية .رابط
مراجع حول أحمد عرابي
1. علام، محمد. "أحمد عرابي: رجل الجيش وقائد الثورة المصرية." القاهرة: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1978.
2. عبد الحليم، عبد العزيز. "أحمد عرابي وثورته على الاحتلال البريطاني." القاهرة: دار الشروق، 2005.
3. سليم، سعيد. "أحمد عرابي وثورة التل." القاهرة: دار الهلال، 1999.
4. صبري، عبد الرحمن. "الشيخ أحمد عرابي: دراسة في حياة ونضال." القاهرة: دار النهضة العربية، 1987.
5. عمر، محمد. "الشيخ أحمد عرابي والمعركة الكبرى." القاهرة: دار الفكر العربي، 2008.
6. السيد، إبراهيم. "أحمد عرابي: قائد الثورة العرابية." القاهرة: دار الشروق، 1995.
7. نصر، جمال. "ثورة القاهرة 1882: الأحداث والأبعاد." القاهرة: دار الحاضر للطباعة والنشر، 2002.
تعليقات