من أشهر علماء الأثار
كوريا الشمالية والجنوبية
سلسلة :من أشهر علماء الأثار |
ترك جون لوبوك، العالم البريطاني البارز في القرن التاسع عشر، علامة لا تمحى في مجالات علم الآثار ودراسة عصور ما قبل التاريخ. ولد لوبوك في 30 أبريل 1834 في لندن، إنجلترا، وتميزت رحلة حياة لوبوك بشغف للتعلم، وتعطش للمعرفة، وفضول لا يشبع حول الماضي. تراوحت مساهماته الواسعة بين الأساليب الأثرية الرائدة والدفاع عن الحفاظ على التراث الثقافي، مما جعله شخصية محورية في تطوير علم الآثار. سوف تتعمق هذه السيرة الذاتية في حياة جون لوبوك، ومساهماته في علم الآثار، والأثر الدائم لعمله في هذا المجال.
- الحياة المبكرة والتعليم
ولد جون لوبوك في عائلة ثرية ومحفزة فكريا، مما مهد الطريق لسعيه الدائم للمعرفة. كان والده، السير جون ويليام لوبوك، مصرفيًا وعالم رياضيات بارزًا، وكانت والدته هارييت هوثام تنحدر من عائلة أرستقراطية. تلقى يونغ جون تعليمه في المنزل طوال معظم حياته المبكرة، مما زوده بأساس متين في مواضيع مختلفة، بما في ذلك العلوم والتاريخ.
كان فضول لوبوك الذي لا يشبع وبراعته الفكرية واضحين منذ صغره. كان مهتمًا بشكل خاص بالعالم الطبيعي، حيث أمضى ساعات لا تحصى في استكشاف ملكية العائلة في كينت، حيث طور اهتمامًا كبيرًا بعلم الحشرات وعلم النبات. وقد وضع هذا الانبهار المبكر بالعالم الطبيعي الأساس لمساهماته المستقبلية في علم الآثار.
في عام 1854، عندما كان لوبوك في العشرين من عمره، انطلق في رحلة ستشكل مستقبله. التحق بكلية إيتون وحصل بعد ذلك على القبول في كنيسة المسيح بأكسفورد. في أكسفورد، درس العلوم الطبيعية، واكتسب فهمًا عميقًا لعلم الأحياء والجيولوجيا وعلم الآثار. لقد عرّفه تعليم لوبوك على أحدث التطورات العلمية وغرس فيه إحساسًا بالهدف في ممارسة مهنة من شأنها سد الفجوة بين العلم والتاريخ.
مساهمات في علم الآثار
- 1- الأساليب الأثرية الرائدة
كانت مساهمات جون لوبوك في علم الآثار رائدة، لا سيما في تطوير الأساليب الأثرية المنهجية للمسح الأثري . كان أحد أبرز إنجازاته هو تحسين علم طبقات الأرض كوسيلة لتأريخ المواقع الأثرية والتحف. يتضمن علم الطبقات دراسة طبقات أو طبقات الرواسب أو التربة أو الصخور في موقع أثري. أدرك لوبوك أن القطع الأثرية التي تم العثور عليها في الطبقات العميقة كانت على الأرجح أقدم من تلك الموجودة في الطبقات الأقل عمقًا، مما يمهد الطريق لتأريخ أكثر دقة للاكتشافات في المواقع الأثرية.
لعب كتابه "عصور ما قبل التاريخ" (1865) دورًا محوريًا في تعميم مفهوم علم طبقات الأرض. في هذا العمل، قام لوبوك بتفصيل مبادئ علم طبقات الأرض وأهميته في فهم التسلسل الزمني لثقافات ما قبل التاريخ. وقد وضع هذا النهج الرائد الأساس لتقنيات التأريخ الأثرية الحديثة وأدى إلى تقدم كبير في هذا المجال.
- 2- تصنيف أدوات ما قبل التاريخ
مساهمة مهمة أخرى قدمها لوبوك كانت تصنيفه لأدوات ومصنوعات ما قبل التاريخ. وقد قدم نظام تصنيف يعتمد على المواد المستخدمة ومستوى التقدم التكنولوجي، مما سمح لعلماء الآثار بتحليل وفهم تطور الثقافة البشرية والتكنولوجيا مع مرور الوقت. وقد أنشأ عمله في هذا المجال إطارًا لدراسة ثقافات ما قبل التاريخ وقدم رؤى قيمة حول تطور المجتمعات البشرية المبكرة.
- 3- الدعوة للحفاظ على التراث الثقافي
امتدت مساهمات لوبوك إلى ما هو أبعد من نطاق البحث الأكاديمي. كان مدافعًا متحمسًا عن الحفاظ على التراث الثقافي والمواقع الأثرية. واعترافًا بالتدمير السريع للآثار والتحف القديمة بسبب التصنيع والتنمية الحضرية، قام بحملة لحماية المواقع التاريخية.
وتوجت جهوده بإقرار قانون حماية الآثار القديمة لعام 1882 في المملكة المتحدة. ويهدف هذا التشريع إلى حماية المواقع الأثرية والتاريخية من التدمير والتغيير، مما يمثل علامة فارقة في تاريخ الحفاظ على التراث. شكلت دعوة لوبوك الدؤوبة للحفاظ على الثقافة سابقة للأجيال القادمة من علماء الآثار والمحافظين على البيئة.
- 4- المشاركة العامة وتعميم علم الآثار
لم يكن جون لوبوك راضيًا عن حصر معرفته في الأوساط الأكاديمية. كان لديه التزام قوي بجعل علم الآثار والتاريخ الطبيعي في متناول عامة الناس. ولتحقيق ذلك، كتب العديد من الكتب والمقالات المؤثرة التي تستهدف جمهورًا أوسع من القراء. شرحت أعماله، مثل "النمل والنحل والدبابير" (1882) و"متع الحياة" (1887)، المفاهيم العلمية المعقدة بطريقة مفهومة وجذابة، مما يجعلها في متناول جمهور أوسع.
علاوة على ذلك، امتدت جهود لوبوك لنشر علم الآثار إلى إنشاء "عطلة البنوك" في المملكة المتحدة. واقترح تشريعًا أدى إلى إدخال أيام العطل الرسمية، مما يمنح مواطني الطبقة العاملة الفرصة لزيارة المتاحف والمؤسسات الثقافية والمواقع التاريخية. ولم يؤدي هذا إلى إثراء الوعي العام بعلم الآثار فحسب، بل ساهم أيضًا في إضفاء الطابع الديمقراطي على المعرفة.
- الإرث والتأثير
إن تأثير جون لوبوك على علم الآثار ودراسة عصور ما قبل التاريخ لا يُقاس. وقد وضع عمله الرائد في علم طبقات الأرض وتصنيف القطع الأثرية والحفاظ على التراث الثقافي الأساس لمجال علم الآثار الحديث. لا تزال الأساليب المنهجية التي طورها أساسية للبحث الأثري اليوم، مما يمكّن العلماء من حل لغز التاريخ البشري معًا.
علاوة على ذلك، كان لتفاني لوبوك في المشاركة العامة ونشر العلوم تأثيرًا دائمًا. وقد أدت دعوته لحماية التراث الثقافي إلى الحفاظ على العديد من المواقع الأثرية والمعالم الأثرية، مما يضمن أن الأجيال القادمة يمكن أن تتعلم من إنجازات أسلافهم وتقدرها.
وتقديرًا لمساهماته، تم انتخاب جون لوبوك زميلًا للجمعية الملكية في عام 1858، ثم تم تعيينه لاحقًا رئيسًا للجمعية الملكية في عام 1881. ويستمر إرثه من خلال العمل المستمر لعلماء الآثار، ونشطاء الحفاظ على البيئة، والمعلمين الذين يواصلون للبناء على أسسه ومشاركة شغفه لفهم تراثنا الإنساني المشترك والحفاظ عليه.
- خاتمة
تجسد حياة جون لوبوك وعمله روح عالم متعدد الثقافات في القرن التاسع عشر كرس نفسه للسعي وراء المعرفة وتحسين المجتمع. لقد تركت مساهماته في علم الآثار، وخاصة في تطوير الأساليب المنهجية، وتصنيف أدوات ما قبل التاريخ، والدعوة للحفاظ على التراث الثقافي، علامة لا تمحى في هذا المجال.
تظل قدرة لوبوك على سد الفجوة بين الأوساط الأكاديمية والجمهور، وجعل العلوم وعلم الآثار في متناول الجميع، نموذجًا للعلماء والمعلمين حتى يومنا هذا. إن إرثه لا يستمر فقط في السجلات الأثرية التي ساعد في فك شفرتها ولكن أيضًا في الجهود المستمرة للحفاظ على تاريخنا الإنساني الجماعي ومشاركته مع العالم. لا يزال تأثير جون لوبوك على علم الآثار يتردد صداه، ويذكرنا بقوة الفضول والمعرفة والتفاني في تشكيل فهمنا للماضي.
إقرا المزيد : مقالات تكميلية
- المؤسسات الثقافية وهياكل البحث الأثري . رابط
- التراث الثقافي الحفاظ على نسيج الهوية الإنسانية . رابط
- عالم الأبحاث الأثرية في علم الأثار . رابط
- المواقع الأثرية حمايتها وتسييرها . رابط
- علم الأثار التقرير الأثري . رابط
- طرق تأريخ الأثار . رابط
- الأعمال المخبرية في الحفرية . رابط
- المسح الأثري أنواعه وتقنياته . رابط
- المتحف المصري الكبير. رابط
- المتحف القومي المصري للحضارة. رابطرابط
- المتاحف انواعها وأهميتها .رابط
تعليقات