- مقدمة
شهد المغرب حدثا زلزاليا وقع في ليلة الجمعة 08-09-2023 حوالي الساعة الحادية عشر ليلا ، مسجلاً حوالي 6.9 على مقياس رشتر على عمق يقارب 8 الى 10 كيلومتر . وكان مركز الزلزال يقع في الجنوب الغربي لمدينة مراكش - إقليم الحوز في منطقة جبال الأطلس -من هنا-، و حسب ما صرح معهد الجيوفزياء المغربي هذه المنطقة غير معروفة بنشاطها الزلزالي, حيث كان اخر زلزال عرفته المنطقة منذ مايقارب القرن . وللأسف هز الزلزال كل المغرب وأحس به الشمال والجنوب حتى أنه بلغ قطر 500 كيلومتر .
و يرجح حسب الإحصاءات المبدئية وتصريحات وزارة الداخلية للدولة المغربية إلى وجود 2901 قتيلا و 5530 جريحا وهو عدد مرشح للإزدياد . وحسب تصريح منظمة الصحة العالمية -من هنا- أن الزلزال تسبب في تضرر 300 ألف شخص كما أن مدينة مراكش تعد الأكثر تضررا حيث نالت نصف عدد الموتى رحم الله أرواحهم وأسكنهم فسيح جنانه .
نتناول في هذا المقال سنحاول تغطية أسباب وعواقب الزلزال المغرب، ونرسم صورة حية لتأثيره على الأرض وأهلها ومستقبلهم.
- السياق الجغرافي
يقع المغرب على مفترق الطرق بين الصفائح التكتونية الإفريقية والأوراسية، وهو ليس غريبا على النشاط الزلزالي. موقعها على طول حدود هذه الصفائح الضخمة يجعلها عرضة للزلازل والانفجارات البركانية. وشهدت البلاد أحداثا زلزالية كبيرة طوال تاريخها، بدرجات متفاوتة من الدمار والخسائر في الأرواح.
- الفصل الأول : أسباب الزلزال
تحدث الأحداث الزلزالية مثل الزلازل في المقام الأول بسبب تحرك الصفائح التكتونية تحت سطح الأرض. وفي حالة المغرب، أدى التقارب بين الصفائح الأفريقية والأوراسية إلى ديناميكيات جيولوجية معقدة، مما جعل المنطقة عرضة للزلازل. يمكن أن يعزى السبب الدقيق للزلزال المعني إلى العوامل التالية:
- تفاعل الصفائح التكتونية:
نتج الزلزال عن انغماس الصفيحة الأفريقية تحت الصفيحة الأوراسية. وقد أدى هذا الاصطدام التكتوني المستمر إلى تراكم الضغط على طول خطوط الصدع في المنطقة، مما أدى في النهاية إلى إطلاقه على شكل زلزال.
- خطوط الصدع:
تتقاطع في المغرب عدة خطوط صدع، أبرزها الصدع الشمالي المغربي (NMF) والصدع الريفي-البوران (RAF). تعمل خطوط الصدع هذه كمناطق ضعف طبيعية حيث يتم إطلاق الطاقة الزلزالية أثناء الزلزال.
- عمق التركيز:
لعب العمق الذي وقع فيه الزلزال دورًا حاسمًا في تحديد شدته وتأثيره. غالبًا ما تسبب الزلازل التي تنشأ على أعماق أكبر أضرارًا سطحية أقل مقارنةً بالزلازل الضحلة.
- الفصل الثاني : عواقب الزلزال
1- الخسائر البشرية:
أدى الزلزال إلى خسائر مأساوية في الأرواح، حيث وصل عدد القتلى الرسمي إلى632 اعتبارًا من 8-09-2023. وأصيب عدد آخر بجروح بعضها خطيرة.
وشهدت المناطق المتضررة مشاهد دمار، مع انهيار المباني والبنية التحتية.وحسب تصريح منظمة الصحة العالمية أن الزلزال تسبب في تضرر 300 ألف شخص
وتحركت فرق الاستجابة للطوارئ والمنظمات الإنسانية بسرعة لتقديم المساعدات والمساعدة الطبية والمأوى للسكان المتضررين.
2- الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية:
وخلف الزلزال دمارًا كبيرًا،وأدى الى إنقطاع البنية التحتية الحيوية على وسائل النقل والاتصالات والوصول إلى الخدمات الأساسية، مما زاد من التحديات التي تواجهها المجتمعات المتضررة.
3- الأثر الاقتصادي:
كان للزلزال تأثير اقتصادي كبير، حيث اضاف وزنا ثقيلا على ظهر الشعب و الحكومة المغربية على حد سواء خصوصا وأن هذا الزلزال ضرب المغرب الذي كان منهكا من بعد أزمة فيروس كورونا والحرب الروسية الأكرانية وأزمة الحبوب التي يعرفها العالم الأن وكذلك الصراع الإقتصادي الأمركي الصني للريادة على العالم . وتضررت بشدة قطاعات الأعمال والزراعة والسياحة، وهي مكونات حيوية للاقتصاد المغربي.
وأضافت جهود إعادة الإعمار عبئا ماليا كبيرا على ميزانية الحكومة، مما أدى إلى تحويل الموارد من مشاريع التنمية الأخرى.
4- التأثير النفسي:
وكانت الصدمة والأثر النفسي للزلزال عميقين. وقد عانى الناجون والشهود من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
اجتمعت المجتمعات المحلية لتقديم الدعم العاطفي، وتمت تعبئة خدمات الصحة العقلية لمساعدة المحتاجين.
- الاستعداد والتدارك:
وكان الزلزال بمثابة دعوة للاستيقاظ للمغرب لتعزيز تدابير الاستعداد والتخفيف من آثاره. وشدد على الحاجة إلى قوانين بناء أكثر صرامة وتعديل الهياكل المعرضة للخطر.كما أطلقت الحكومة حملات للتبرع بالدم ن أجل انقاض حياة المصابين .
- خاتمة
كان للزلزال الأخير الذي ضرب المغرب، الدولة ذات التراث الثقافي الغني والمناظر الطبيعية المتنوعة، عواقب وخيمة. في حين أن أسباب هذا الحدث الزلزالي متجذرة بعمق في التفاعل المعقد للصفائح التكتونية، إلا أن عواقبه كانت أكثر حدة بالنسبة لشعب المغرب. لقد فقدت الأرواح، وتحطمت المجتمعات، وواجهت الأمة تحديات اقتصادية وبيئية كبيرة.
ومع ذلك، وفي مواجهة الشدائد، أظهر المغرب المرونة والتضامن. ودفعت الكارثة إلى إعادة تقييم استراتيجيات الاستعداد والتخفيف في البلاد، مع تسليط الضوء على أهمية التدابير الاستباقية للحد من تأثير الزلازل المستقبلية. وبينما يقوم المغرب بإعادة البناء والتعافي، فإن ذكرى هذا الزلزال ستكون بمثابة تذكير بالحاجة إلى تحقيق التوازن بين التقدم وقوى الطبيعة التي لا يمكن التنبؤ بها والتي تشكل عالمنا.
المراجع
- Earthquakes in the Mediterranean and Middle East: A Multidisciplinary Study of Seismicity up to 1900" edited by Nicholas Ambraseys and Charles F. Finkel
- Seismicity and Seismic Hazard in Africa: A Multidisciplinary Approach" edited by Derek
- Earthquakes and Tsunamis in the Past: A Guide to Techniques in Historical
- Seismology" by Guidoboni, E., Emanuela, F., and Markus, S.
- Earthquake Time Bombs" by Robert Yeats
- Seismicity and Seismic Hazard in Africa: A Multidisciplinary Approach" edited by Derek Keir and Iain S. Stewart
تعليقات